رئيس مجلس الادارة : إيهاب مباشر

رئيس التحرير : حنان الشايب

إيهاب مباشر يكتب “هيبة الدولة وكرامة المعلم”

لا يختلف منصفان على أحقية المعلم في حياة كريمة، أسوة بكثير من المهن التي اصطفت لها الدولة شرائح بعينها من مواطنيها، وإن قدر لنا أن نصل إلى غاية الإنصاف، سنجد أن المعلم له أحقية مطلقة في حياة كريمة تفوق حياة كل هذه الشرائح.
لكن – وبكل أسى وأسف – ما يحدث على أرض الواقع مغاير تماما لكل أمنياتنا وتطلعاتنا، ولا يبشر بخير، وما دمنا نبحث عن الإنصاف، فلابد لنا أن نحلل الموقف بحيادية، بعيدا عن أي انحياز لطرف على حساب الأطراف الأخرى، فالقضية تعني أطرافا كثيرة أولها المعلم، ثانيها الطالب وولي أمره، ثالثها الدولة التي تجمع أطراف القضية في إطار نظامي وقانوني لابد من احترامه وتنفيذه، وغير ذلك من الممكن أن نطلق على هذا الكيان أي شيء بعيدا عن مصطلح الدولة، وهذا ليس غايتنا من مناقشة وتحليل هذه القضية.
البداية دائما ومنتهى الحديث سيكون عن المعلم (مرتكز ومحور  العملية التعليمية) الذي أراه (عامود الخيمة) الذي لو قدر الله وانهار، ستنهار العملية التعليمية، لكن دعونا نبحث عن مواصفات (رب الأسرة) أو (عامود الخيمة) التي اعتاد العقل الراجح الواعي على رؤيتها، وقد تعالت الأصوات على وسائل التواصل ترديدا لمقولة (كرامة المعلم)، التي أراها أولا وأخيرا (من صنع المعلم نفسه) صيانتها تكون بيده، كما أن إهدارها – والعياذ بالله – ستكون بيده أيضا، وهذا ما لا نتمناه، فالعلماء ورثة الأنبياء، ولا أرى حاجة لوصف المعلم القدوة هنا أكثر من أنه (وريث الأنبياء) وإن كانت هناك شروط كثيرة لابد من توافرها في المعلم كي يصل إلى هذه المرتبة، يصعب على الكثير الحفاظ عليها وتطبيقها، وأنتم متأكدون من ذلك، فتطبيق هذه الشروط ليس من السهولة بمكان.
القضية محل النقاش بدأت مع غياب دور المدرسة، المترتب على غياب الدولة وقتها، وكان هذا بمباركة بعض المعلمين أنفسهم، لأنه بدلا من البحث عن حلول لها، استغلوها لتحقيق مكاسب مادية، وإذا قلت في نفسك الآن هذا عيب الإدارة وليس عيبي أنا، فكلامك مردود عليك، لأن مدير المدرسة مسؤول وهو معلم في المقام الأول، ووكيل المدرسة مسؤول وهو أيضا معلم، والمعلم الأول مسؤول، بالإضافة إلى مسؤوليتك أنت التي لن تستطيع التنصل منها، فأنت المربي قبل أن تكون المعلم، وهب أنك رأيت شيئا يهدد أبناءك، هل ستبحث عن أحد تحمله المسؤولية؟ لا أظن ذلك.
أسمعك الآن تقول تكاليف الحياة والمعيشة، ومن حقي عيشة كريمة، فأجيبك طبعا هذا حقك لأننا اتفقنا على ذلك من بداية حديثنا، لكن كانت هناك قنوات شرعية لابد وأن تسلكها وقتها، ولو كنا أسسنا حلولا مقبولة في هذا التوقيت، ما وصلنا إلى (أباطرة الدروس الخصوصية) الذين أرهقوا الأسر المصرية، يعني من الآخر أنت أسست وشرعت لهم، وهم يستنزفون أولياء الأمور، وأنت الآن من يشجب ويندد، لأنك وإن كنت سببا، فأنت لست المعني الآن، فنصيحتي لك أن تتوقف عن الشجب والتنديد أيها المعلم، لأنك تخدم غيرك من الأباطرة دون أن تدري، فقط القضية تحتاج إلى مناقشة هادئة وموضوعية مع الإدارات التعليمية، لنخرج بحلول تضمن لك العيش الكريم، وتؤكد على صون كرامتك التي هي غايتنا قبل غايتك.
أسمعك تقول أيضا، ومن ذا الذي يستمع إلينا الآن بعد ما حدث، فأقول لك عندك نقابة تمثلك، اطلب عقد جمعية عمومية وناقش القضية، واطلب مندوبين من وزارة المالية والتربية والتعليم ورئاسة مجلس الوزراء لمناقشة قضيتك والبحث عن حلول فورية اليوم قبل الغد، ولو عرض عليك بدائل لزيادة دخلك وصيانة كرامتك فاقبلها فورا، بعيدا عن أصوات الأباطرة أصحاب السناتر، الذين أراهم ينظمون هجمة على وسائل التواصل يهيجون فيها الرأي العام والمواطن على الدولة، وللأسف أنت وقودها.
نأتي للدولة فنؤكد عليها أهمية إعطاء المعلم حقوقه، وخطورة إهدارها، فالمعلم أولى بحياة كريمة من غيره، فهو المربي والمعلم الذي تخرج على يديه الضابط والطبيب والديبلوماسي ورجل القضاء والإعلامي الذي يهاجم المعلم الآن، إرضاء للدولة، جهلا بالمصلحة العامة للدولة.
وختاما مع (المطحونين) بين كفي الرحى، أولياء الأمور، الذين يؤكدون على عدم مسامحتهم أو رضاهم عن كل جنيه يخرج من جيوبهم الفارغة، والله أعلم كيف يتصرف ولي الأمر في قيمة كل درس لابنه من مجموعة دروس كثيرة، يقتطع من قوته وقوت أولاده، ليخطفها أباطرة الدروس، ويشترون لأبنائهم بها فلل وشاليهات في الكومباوندات والساحل الشمالي.
أسمعك للمرة الثالثة تقول، وما شأني بهم، فأقول لك طالما الأمر لا يخصك، فدع أمرهم للحكومة، وابحث مع نقابتك عن حلول لقضيتك وما أكثرها.
أما الطالب فهو ملام، لأنه لو وجد مدرسة تحتويه، لما بحث عن حلول أخرى، وإنني إذ أؤكد أن الطالب سيظل يبحث عن الدرس الخصوصي، طالما أن الحكومة تنتهج سياسة المنع، قبل توفير البدائل.
فندائي إلى الحكومة أن توفر البدائل للطالب وولي أمره بسرعة قصوى حتى لا يضيع وقت أكثر من ذلك، وحتى تضمن هيبتها وتحفظ كرامة معلميها.

2020/09/06 1:41م تعليق 0 791

ذات صلة

إيهاب مباشر يكتب .. شكرا سلطان الخير «...

لا أعلم سببا واضحا لتوقفي عن الكتابة لشهور مضت، باستثناء سبب أراه مقنعا - لي على الأقل - وهو الحالة المزاجية السيئة الخاصة، التي لا تنفصل عن عموم ما يتلبس أفكارنا ويجثم على صدورنا ويكبل خطواتنا جميعا، من مزاج...

إيهاب مباشر يكتب .. المترشحون يرفعون شعار «أنا...

          عندما انحصر دور مجلس الشيوخ في إبداء الرأي بالاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، ومشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التي...

إيهاب مباشر يكتب «حدائق الإنسان وحرائق الشيطان»

      منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت واقعا معقدا مفروضا - شئنا أم أبينا - لكن ما لا أستطيع تصوره، أنك تنجذب لمحتوى مرئي محترم فتتابعه، ثم تفاجأ أنه - ودون رغبة أو انتباه منك - يتبعه محتوى لا يَمُت للأخلاق بصلة،...

إيهاب مباشر يكتب .. شكرا سلطان الخير (...

ما زلت أعدد الأسباب التي أعتبرها أسرارا خفية بيني وبين الأماكن، في ارتباطي بإمارة الشارقة، دون باقي الأماكن التي زرتها بطبيعة عملي في الخارج، وكلها تتمحور في دول الخليج. وقد توقفت في حديثي السابق عند مهرجان الشارقة القرائي للطفل، الذي...

إيهاب مباشر يكتب «وعود انتخابية»

  كما أنه لكل زمان دولة ورجال، فلكل حادث حديث، ولغة خطاب الأمس لن تجدي نفعا اليوم، وما مر من أحداث لاعتبارات كثيرة لا داعي لذكرها، لا يمكن أن يمر اليوم، فليس من الحنكة أن أقيس اليوم حدثا بمثيل له...

إيهاب مباشر يكتب .. «مساحة القبح كانت الأكبر...

        انقضى الشهر الفضيل، وجاء بعده العيد السعيد، وها هو قد انقضى مثلما ينقضي كل شيء، فكل عام وأنتم من عواده. انقضى شهر رمضان الفضيل، بأخلاقه التي شُوِّهَتْ جراء ما قدم على شاشات الفضائيات من مشاهد عري وخلاعة تحت مسمى (الدراما)،...

جميع الحقوق محفوظة © 2024 القاهرة اليوم نيوز