لست قاضيا لأصدر حكما في نزاع محتدم يمس الشرف بين تركي آل الشيخ والنادي الاهلي، ولكن الشواهد تلمح لضعف حجة الأخير، وتصيب قيمه ومبادئه التي قال إنه أرسى قواعدها قبل مائة عام أو أكثر منذ تأسيسه، فلم يمر النادي العريق بأزمة أخلاق كالتي يتعرض إليها الآن، فلن يغفر التاريخ لمحمود الخطيب سقوط النادي في براثن الاتهامات، ومخانع الشكوك بعد أعوام مزدهرة عاشها تحت راية مرفوع سواريها مع صالح سليم ومحمود طاهر ومنكسة يخضبها العطب مع حسن حمدي، أسيرة في قفص الاتهام مع محمود الخطيب.
ولم يبرئ الخطيب ومجلس إدارته الموقر ساحته من اتهامات المستشار السعودي بقدر ما سعى لإسكاته أو لتخفيف وطأة المصاب الجلل الذي هز أركان أسماء بعينها، متبعا حيلة معقود نجاحها على عودة الدوري كعصا موسى التي يسحر بها أعين الناس عن القضية الأصلية، بقصد توجيه حواسهم لأمر ثانوي مزعوم بنيل لقب لم تعد خزائن النادي بحاجة لأضوائه الباهتة، تزامنا مع آلام يعيشها العالم أعقاب جائحة كورونا التي أودت بحياة الآلاف، ولكن لمجلس الأهلي حسابات أخرى. فالقبض على طوق النجاة معقود في أيدي السحرة، فيصاب من يصاب، ويموت من يموت، المهم أن يعود الدوري تحت أي ظرف، وبأي طريقة آملا في التخلص من كابوس مؤرق اسمه تركي آل الشيخ، فالمحاولات المستميتة المسمومة المعززة بمساعي المتنفذين من رجاله الأوفياء ستتواصل دون كلل، يدفع عجلتها بعض الأقلام والألسنة الساقط زيف أقنعتها؛ آملا في عودة المسابقة بغض النظر عن الأضرار ببلد يتجاوز عدد سكانه المائة مليون نسمة، بلد يواجه بصفوف متراصة تحت غطاء حكومته وباء شرشا لا يرحم، فروايتهم المستندة على عودة النشاط في دول بيعنها مردود عليه بقرار الإلغاء في دول أخرى، فلكل دولة سمات وتقديرات مختلفة، ولكن المطبلين متفوق على تنفيذ ما كلفوا به بالحرف، فالدوري سيعود ولو على جثث المصريين! فلم يعد في جعبتهم الجوفاء سوى تلك العصا المسحورة لتحويل أنظار الناس عن أزمة أخلاق أصابت سمعة النادي العريق بعد تلقيه إنذارا على يد محضر، تضمن اتهام المجلس بالتبديد وخيانة الأمانة، مطالبا المنذر لهم برد قائمة “المنقولات”.
وبعد صمت رهيب استمر لسنوات خرج رئيس النادي الأهلي عن صمته بنبرات صوت ضعيفة وبكلمات معسولة، غير أن حديثه المطول لم يتطرق للرد على اتهامات آل الشيخ ، فليته ظل صامتا دون أن يشدو بحديث واهٍ يقصي ويروي أمجاد ناديه وروح القميص الأحمر، فحديثه الإنشائي الواهي لم يتضمن ردا مقنعا على الاتهامات المدونة بعريضة الدعوة القضائية هو والعدم سواء، ولم يتضمن حديثه المطول ردا على تغريدات آل الشيخ اللاذعة رغم مساسها بالأخلاق، والنزاهة، والشرف .. فيبدو أن ثوب العفاف بات فضفاضا على أصحابه ! أليس من الأحرى بك وأنت في هذا المقام وبعد صمت رهيب أن ترد ردا شافيا ووافيا، مفندا كل اتهام على حده برد قاطع وناجع، مبددا رواية الشاكي، مستندا على مبدأ رد الحجة بالحجة ، والدليل بالدليل ؟! ،أو اللجوء للقضاء بهدوء، واتهامه بالتشهير !
فعفوا إذا خلى حديثك من ميزة الاقناع ، وضل طريقك المسلكين ، فالأدلة الساطعة لم تخرج من صيدليتك التي يتزاحم على رفوفها شعارات الكمال المبدد بمعول حاد ذي حدين اسمه تركي.
ويبقى الحكم الفصل في قضية الأهلي وتركي آل الشيخ خاضعا للمادة رقم 13 من قانون الرياضة المصري ـ حال تطبيقها ـ والتي نصها :” يجوز للنادي تلقي الإعانات والتبرعات والمنح والهبات المقدمة من أشخاص طبيعيين أو اعتباريين داخل جمهورية مصر العربية مع إخطار الجهة الإدارية المختصة بذلك، ولا يجوز له تلقي أي مما ذكر من الخارج إلا بعد موافقة الجهة الإدارية المختصة “.
فالخيط الأبيض من الأسود بينته المادة الصريحة أركانها بجلاء الشمس نهارا ، وضوء القمر ليلا ، فإذا أظهر الأهلي مستندا رسميا واحدا محررا بطريقة قانونية ، يحدد تاريخ قبول الهبات والتبرعات، والرقم الكودي لها “السيريال نامبر” معززا بموافقة رسمية مسبقة من الجهة الإدارية بتلقي النادي للتبرع أو الهبة من جهة أو شخص وتحديد آليات الاحتفاظ بها سواء لدى النادي أو الجهة الإدارية فلا جناح عليه وظهر الافتراء برا وبحرا ، ويتعين على النادي في تلك الحالة اللجوء للقضاء ردا على اتهامات آل الشيخ ، أما العكس فيفصله القضاء المصري الشامخ العادل الذي يلجأ له كل صاحب حق ، فالأهلي لم يكن يوما فوق الجميع ، إنما هي أسماء وشعارات سميتوها أنتم وأباؤكم ، فالقانون في مصر فوق الجميع.
alkhfeef@yahoo.com