إن ثقافة أغاني “قصف الجبهات” تعتبر سابقة هي الأولى من نوعها داخل مصر بل في الشرق الأوسط، رغم أن فن الهجاء والسخرية من المثالب والمبارزات اللاذعة بين الشعراء ليس غريبا على الشخصية العربية بداية من العصر الجاهلي وصدر الإسلام وحتى الآن مع الهجاء السياسي.
هذا النوع من الأغاني يعرف في الغرب والولايات المتحدة بأغاني الـ”ديس” أو Diss track، وقد ظهر هذا المصطلح بشكل صريح تزامنًا مع خروج فن الـ”راب” أواخر سبعينات القرن الماضي، وهو مصطلح مشتق من كلمة dissrespecting التي تعني عدم الاحترام، وفيها يقوم المغني باستخدام عبارات نابية وخادشة للحياء تحط من قدر المغنى المقصود بالأغنية وتسخر منه.
ومع ذلك، فإن طريقة الغناء تلك كانت مشهورة قبل ظهور هذا المصطلح بعشرات السنين؛ إذ أن مغنيي الجاز والبلوز خلال عقد الثلاثينات بالولايات المتحدة كانوا يعمدون إلى نقد بعضهم البعض بهذه الوسيلة، وأيضًا في فترة الخمسينات والسيتنات مع بداية ظهور موسيقى الريف أو country music وموسيقى الروك آند رول مع العملاق الراحل ألفيس بريسلي والفرقة الأسطورية البيتلز The Beatles.
وتعتبر أغنية I Wonder Why Bill Bailey Don’t Come Home أقدم أغنية “قصف جبهات” معروفة حتى الآن، بيد أنها طرحت في الولايات المتحدة عام 1902، وهي من تأليف الشاعر الأمريكي الشهير وليام جيروم، وغناها آرثر كولنز”، ليرد بها على أغنية أخرى بعنوان Won’t You Come Home Bill Bailey، التي غناها هيوجي كانون.
ومن أشهر أغاني الـ”ديس” أغنية Yes, I’m Lonesome Tonight التي كتبها وغناها دودي ستيفنز للرد على أغنية Are You Lonesome Tonight لألفيس بريسلي، وأغنية Back in the U.S.S.R لفريق البيتلز، والتي كانت ردًا على أغنية Back in the USA لأحد مؤسسي الروك وهو العملاق تشاك بيري.
كما اشتهر ملك الريجي، بوب مارلي، بأدائه لأغاني الـ”ديس”، فقد كانت أغنيته Small Axe عام 1973 إحدى أشهر أغاني النقد اللاذع رغم أنها لم تقصد مغنيا بل كانت موجهة في الأصل إلى المنتجين دوكي رايد وكوزيني دود، اللذين دخلا في حروب قضائية مع مارلي.
أما حديثًا فمن أشهر أغاني الـ”ديس” أغنية No Vaseline لمغنى الراب آيس كيوب، وHit ‘Em Up للراحل توباك، وTakeover لجاي زي، وKillshot لأمنيميم الذي كانت له أغنية أخرى بعنوان warning، يرد فيها على ماريا كاري التي أصدرت أغنية بعنوان “obsesse تهاجمه فيها.