

عصر الصورة
تأتي السينما كمنتج تكنولوجي متعلق بإمكانيات الصورة المتعلقة بعلم الطيف، وهو أمر مرتبط بقدرة الإنسان علي تحدي الحتمية الجغرافية، حيث كان وعي الإنسان مرهونا بحدود رؤيته المباشرة، حيث الماء والجبال والأشجار. وكان الإنسان بذلك في طور السحر، تلك القوة المجهولة التي تقوده تجاه تصرفات إنسانية محددة، وهو في حقيقة الأمر لا يطيع الا نفسه التي لم يستطع سبر أغوارهاـ حيث لم يكن هناك مصدر المعرفة بالآخر سوي مجموع الذكريات الجماعية التي بقتتاتها المجتمعون يوميا.
ولكن الجديد في عصر التليفزيون الذي لم نعرفه إلا في ستينيات القرن الماضي، مع أننا خبرنا السينما في أربعينيات القرن الماضي، فما هي الإضافية النوعية التي أضافها عصر الصورة لمفهوم البطل؟
١-كسر الإبهام من خلال تجسيد الآخر في حركة متتالية. لعل الفة الصوت الإنساني تعطي مدلولا معنويا بديلا لفكرة الغياب الجسدي.
البعد الرئيسي هنا ما هي صورة البطل التي أضافها صناع السينما بحكم انتمائهم الفكري كمثقفين أرادوا نقل ذلك الفن بمنطق الغرب ومفاهيمه التي لا تلائم مشروعنا النهضة وقتذاك، لكنها روعة الجديد وسحره وبناء على ذلك نقل لنا فكرة الفرد القادر على استغلال المجموع لصالح أغراضه الخاصة، ومن هنا جاءت متوافقة مع بنود الفكر الرأسمالي وتصبح المرأة هنا مادة للمتعة مع اختلاف المدخل الاقناعي المؤدي لفكرة الاستغلال، وان توافق ذلك مع نظرة المجتمع وقتذاك مع القدرة علي تقليم أظافر الخارجين عن قانون التسامح الإنساني تحت منظومة ولاد البلد، وهنا وجبت المقارنة بين دور الفتوة في الأفلام القديمة وكذلك شخصية البلطجي في الأفلام المعاصرة، وذلك مع اعتبار بقاء العناصر الرئيسية الردع الاجتماعي من عدمه.
ولعل فكرة خلق تطبيع للشخصية الموجودة في أربعينيات القرن الماضي، مع الحضارة الغربية في الملبس وطريقة الحديث والانتصار لقيم محددة، ربما يكون ذلك له مبرر موضوعي وقتذاك، ولكن المحير دوافع استدعاء شخصية البلطجي كنموذج مشرعن وتحدي صيغ البطولة فذلك أمر له حديث باق.