

كتبت دينا شفيق
ولد حسين مؤنس في مدينة السويس في 4 رمضان 1329هجريا الموافق 28 أغسطس 1911م نشأ في أسرة كريمة، وتعهده أبوه بالتربية والتعليم، فشب محبًا للعلم، مفطورًا على التفوق والصدارة، حتى إذا نال الشهادة الثانوية في التاسعة عشرة من عمره جذبته إليها كلية الآداب بمن كان فيها من أعلام النهضة الأدبية والفكرية، والتحق بقسم التاريخ، ولفت بجده ودأبه في البحث أساتذته.
لم يعين حسين مؤنس بعد تخرجه في الكلية؛ لأنها لم تكن قد أخذت بعد بنظام المعيدين، فعمل مترجمًا عن الفرنسية ببنك التسليف، واشترك في هذه الفترة مع جماعة من زملائه في تأليف لجنة أطلقوا عليها “لجنة الجامعيين لنشر العلم” وعزمت اللجنة على نشر بعض ذخائر الفكر الإنساني، فترجمت كتاب “تراث الاسلام” الذي وضعه مجموعة من المستشرقين وكان نصيب حسين مؤنس ترجمة الفصل الخاص باسبانيا والبرتغال ونشر في هذه الفترة أول مؤلفاته التاريخية وهو كتاب “الشرق الاسلامي في العصر الحديث “
مر الكاتب «حسين مؤنس»، على الكثير من الوظائف، خلال رحلته في التدرج الوظيفي، حيث بدأها كمدرس بمعهد الأبحاث الخارجية، التابع لجامعة زيورخ إلى 1945، ثم أستاذ التاريخ الإسلامي، بكلية الآداب جامعة القاهرة في 1954، مرورًا بمدير عام بوزارة التعليم، إلى جانب عمله في الجامعة حتى 1957، ومدير معهد الدراسات الإسلامية، في مدريد حتى 1969، ثم أستاذ ورئيس قسم التاريخ، بجامعة الكويت إلى 1977، ورئيس تحرير مجلة الهلال، وروايات الهلال، وكتاب الهلال في 1977، حتى أن انتهى كأستاذ متفرغ، بكلية الآداب جامعة القاهرة.
لم يكن حسين مؤنس مؤرخًا فقط بل كان أديبًا موهوبًا، صاحب بيان وأسلوب، ولو تفرغ للأدب لكان له شأن كبير، وما تركه من إبداع في ميدان الكتابة الأدبية شاهد على ملكاته الأدبية في الرواية والقصة القصيرة والأدب المسرحي، فمن أعماله القصصية “ادارة عموم الزير” تدور حول البيروقراطية المصرية، وبلغ من شهرة هذا القصة، أن سارت مثلا سائرًا بين الناس، “وأهلا وسهلاً” و”الجارية والشاعر” وحكايات “خيرستان”، و”قصة أبو عوف” و” غدا تولد شمس أخري “
من اروع كتاباته ايضا” حكايات من أيام زمان “و يحكي فيه رحلة حصوله علي درجة الدكتوراه و التي ارتحل من اجلها بين عدة دول اوروبيه، فخرج لنا مزيجا” من ادب الرحلات و دراسه انسانيه و متعه تاريخيه، جمعت كلها في سيره ذاتيه صادقه، و التي صاغها بحرفيه في اطار روائي عاطفي قلما ما نراه.
فارق الكاتب والمؤرخ «حسين مؤنس»، عالمنا في 17 مارس 1996، عن عمر يناهز 85 عامًا، تاركًا لنا كنزًا أدبيًا وميراثًا ثمينًا.