

وتبعًا لكون حرب التكنولوجيا ليست من جانب واحد، فإن بكين لديها أيضًا مخاوف اقتصادية وأمنية حول الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية، ويشعر صانعو السياسة الصينيون بالقلق من أن الاقتصاد يعتمد اعتمادًا كبيرًا على التصنيع بالاعتماد على العمالة الصينية منخفضة الأجر، وأن التصنيع الصيني يعتمد بشدة على التكنولوجيا الأجنبية، حيث تسعى مبادرة “صنع في الصين 2025” على سبيل المثال إلى استبدال البضائع الأجنبية بالمنتجات الصينية.
وتستهدف هذه المبادرة الاكتفاء الذاتي بنسبة 70 في المئة فيما يتعلق بالمكونات الأساسية في صناعات مثل الروبوتات الصناعية معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية، واعتقد القادة الصينيون، حتى قبل قيام المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الامريكية إدوارد سنودن بكشف المعلومات التي بحوذته، أن الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية جعلهم عرضة للهجمات السيبرانية.
ويتناول قانون الأمن السيبراني الصيني، الذي تم تقديمه في شهر يونيو/حزيران 2017، أهداف السياسة والأمن الصناعي، حيث يتطلب القانون من مشغلي الشبكات في القطاعات الحيوية أن يقوموا بتخزين البيانات التي يتم جمعها أو إنتاجها داخل الصين، ويتطلب الالتزام بتطبيق عملية توطين البيانات ضمن الصين من الشركات الأجنبية إما الاستثمار في خوادم بيانات جديدة باهظة الثمن في الصين، أو التعاقد مع مزود خدمة محلي مثل هواوي أو تينسنت أو علي بابا.
ودخلت آبل على سبيل المثال في شراكة مع شركة Guizhou – Cloud Big Data Industry لتخزين بيانات السكان الصينيين، كما يمكن بموجب القانون مطالبة الشركات الأجنبية بتوفير التعليمات المصدرية أو غيرها من المعلومات الخاصة بالملكية الفكرية للحكومة الصينية من أجل مراجعتها، مما يزيد من مخاطر نقل التكنولوجيا إلى المنافسين المحليين أو استخدامها من قبل الحكومة الصينية.
وتعد الولايات المتحدة محقة في محاول ردعها لعمليات سرقة الملكية الفكرية من قبل الصين، وهناك أمل ضئيل في أن تتمكن واشنطن من إقناع بكين بالتخلي عن خططها لتطوير صناعة تكنولوجية أكثر تنافسية، ومن المرجح أن تضاعف الصين من جهودها المبذولة لإنهاء الاعتماد على الشركات الغربية، حيث دعا الرئيس شي جين بينغ كبار العلماء في البلاد لتحقيق اختراقات في التكنولوجيات الاساسيه وقال: “إن الابتكار وتقرير المصير هو الطريق الذي لا مفر منه”.
وينبغي أن يدرك صانعو السياسة الأمريكيون أيضًا أن شركات التكنولوجيا قد بنت واستفادت من سلاسل التوريد العالمية التي غالبًا ما تتواجد في الصين، وأن الجهود الرامية إلى تفكيك هذه العلاقات الاقتصادية سوف تضر بالقدرة التنافسية للشركات الأمريكية، والتي تمثل مورداً وعميلًا في نفس الوقت للشركات الصينية، ولا يعرف أي طرف متى قد تنتهي هذه الحرب التجارية التكنولوجية، والتي قد تؤثر على المدى القصير في ارتفاع التكاليف بالنسبة للمستهلكين وزيادة عدم اليقين بالنسبة للشركات وتحسين الأمن السيبراني بشكل هامشي.