رئيس مجلس الادارة : إيهاب مباشر

رئيس التحرير : حنان الشايب

مرام محمد تكتب “فقراء ولكن!!”

تمر مصر بأزمة إقتصادية كبيرة، وعميقة، بعد مرورها بثورتين متتاليتين، مما أدى إلى تحرير سعر صرف الجنيه، وإنخفاض قيمته. حيث كان لهما الأثر البالغ على الحياة المعيشية للمصريين، مرددين شكواهم حول زيادة الأسعار، وزيادة نسبة الفقر، وزيادة نسبة البطالة، وعدم قدرتهم على مواكبة مستجدات الحياة ومطالبها، ولكننا لا نشاهد هذه المعاناة على أرض الواقع.فالنزعة الشرائية للمصريين زادت أضعاف ما كانت عليه مسبقاً، فلماذا هذا التناقض المثير للشفقة؟!
ومن المعروف أنه عند حدوث ما يسمى بظاهرة “التضخم”، في أي دولة، والناتجة عن زيادة إجمالي الطلب عن العرض المتاح، وتبعاً لذلك يقوم الشعب بتقليل نسبة طلبه على المعروضات، وتحقيق التوازن بين حجم الدخل والطبيعة الشرائية.ولكن في مصر يسير الناس دائماً عكس الإتجاه، “فنحن شعب مميز بطبعه”.
فالمصري يميل بطبعه إلى الوجاهة الإجتماعية، والإحساس بالثراء، والإهتمام بالمظاهر كنوع من إشباع نزعته النفسية.
ونال السلوك الشرائي للمصريين إستغراب وإستهجان الكثيرين، فالكثير من سكان مصر غير قادرين على الوفاء بإحتياجاتهم الأساسية من المأكل والمشرب، ومع ذلك نجدهم عند الإعداد لمراسم الزواج يشترون من الشيء شيئين، ففي بعض المدن نجدهم يشترون من ثلاث غسالات، واحدة أوتوماتيك، وواحدة نصف أوتوماتك، وواحدة لملابس الأطفال، وثلاجة، وفريزر، وتكييفات لزوم “الفشخرة”، وتلفاز لكل غرفة نوم، ومئات المناشف وأغطية الأسرة، لتكفي الأحفاد في المستقبل، ولوازم “النيش” وما أدراك ما لوازم “النيش” ، ولا ننسى أسوارة أم العريس أولاً، ونجد في المناطق الريفية شديدة الفقر، قيام والد العروسة بإهداء الماشية للعريس قبل العروسة. وبعد هذا كله ينتهي بهم المطاف في ساحة المحاكم..
ويزداد المصريون رونقاً في شهر رمضان الكريم، فنجدهم يتسابقون على من يطهو الكمية الأكبر من الطعام، ليتخلصوا من نصفه في سلة المهملات، وكمية “القمامة” في مصر خير مثال على غناها..
فكيف لرب الأسرة الذي يتقاضى لا يتعدى الألفي جنيه وربما أقل، كيف له أن يعطي دروساً خصوصية لأبنائه الخمسة في جميع المواد، ومن شدة فائض راتبه يعطي لابنه درسين في المادة الواحدة. فمثل هذا الأب لابد أن يحصل على جائزة نوبل، فيما حققه من توازن بين راتبه ومتطلبات الحياة من مأكل ومشرب وملبس. فكيف تشتكون وأنتم ترتكبون مثل هذه التصرفات الهوائية، فهؤلاء لا يناسبهم الشكوى بضيق الحال، فاتركوا الشكوى لمن يستحقها..
ومن وجهة نظري، أن السلوك الشرائي غريب الأطوار للمصريين، كان نتيجة لما تعرضه بعض وسائل الإعلام المصري من مواد درامية وإعلانية وغيرها، مستخدمة في ذلك مؤثرات الصوت والصورة الملونة عالية الدقة، والإستعانة بالشخصيات المؤثرة، لإقناع المشاهد بأن ما يشاهده هو ما سيحقق له الإشباع والرفاهية، وإثارة غريزته نحو شراء ما يشاهده في هذه المواد، فما يهمهم في المقام الأول هو تحقيق المكاسب على حساب المواطن “المطحون” مع مطبات الحياة. فهم لا يهتمون بالضرر الذي سيعود على المواطن من تدهور في أحواله المعيشية، لرغبته الدائمة في الشراء، مهما كانت الظروف. لنعود ونؤكد أننا فقراء ولكن!!.

 

2018/12/08 3:08م تعليق 0 1301

ذات صلة

بهاء الصالحي يكتب «صناعة البطل ٢-٥»

    مرحلة الاتصال المباشر   جاءت مرحلة الاتصال المباشر كوسيلة اقناعية نابعة من تركيبة المجتمع المصري، حيث شهدت تلك المرحلة سيطرة مفهوم العائلة بتراثها وتراتب أدوارها، حيث تكون القيم واحدة وتحكم كل المستويات بشكل طولي، حيث يصبح الموروث حاكما للجميع، وذلك بحكم...

بهاء الصالحي يكتب «محمد خليفة .. نَقْضُ الخوف...

ما هو الخوف ؟ سؤال يطرحه علينا محمد خليفة ويجيب عليه شعرا من خلال ديوانه الثاني (حقايق من جيوب الخوف) هل الخوف معتقد يلازمنا من خلال فلسفة الزواجر والنواهي التي تلاحقنا عبر مسيرة صنع الافكار الرئيسية عن العالم وهي...

إيهاب مباشر يكتب «اقتربوا من أبنائكم .. تجدوهم»

    يوما ما كتبت مقالا عن أهمية المحافظة على الأوطان وخطورة التفريط فيها، وكانت كلمة السر فيه (الأبناء) الذين نراهن عليهم في حفاظنا على وطن يجمعهم، وينسج لهم كرامتهم، بالالتفات إليهم والاقتراب منهم، فالالتفات إليهم والاقتراب منهم والحفاظ عليهم، هو...

إيهاب مباشر يكتب “درء الأتراح مقدم على جلب...

    تتزاحم لدي المقدمات، فتصيبني حيرة كبيرة وشتات تصعب معهما العودة إلى بداية ترضيني، ولا سبيل أمامي إلا الاستسلام لأقربها إلى الولوج إلى مبتغاي، حيث كلها يفضي إلى المبتغى. ولتسمحوا لي أن أقدم مواساتي لكل إنسان فقد أمه، طفلا كان أو...

محمد سعد يكتب “عاطل” بدرجة ممتاز مع مرتبة...

طلبة الجامعات المتميزون والحاصلون على تقدير الامتياز مع مرتبة الشرف، أولئك الذين يفترض أن يكونوا في صدارة اهتمام الكليات والجامعات لصالح استمرار العملية التعليمية بعد تخرجهم، نراهم للأسف يهملون ويعاملون بلا أدنى اهتمام، فهل يتساوى طلبة الامتياز بالطلبة الذين...

محمد سعد يكتب “المعاملة بالمثل ياريس”

فكرة هذا المقال تراودني منذ عدة سنوات، ولخوفي من ان يتسبب ولو بنسبة 1% في التأثير على السياحة المصرية وعلى وطني جعلني أتردد مرارا في كتابته، ولكن بعد ما رأيته وتأكدت منه بنفسي في الفترة الاخيرة من تطور وإمكانيات...

جميع الحقوق محفوظة © 2022 القاهرة اليوم نيوز