رئيس مجلس الادارة : إيهاب مباشر

رئيس التحرير : حنان الشايب

إيهاب مباشر يكتب .. «التداعيات الخفية للدراما الرمضانية»

 

 

 

في رد فعل يشجع على المضي قدما، في طرح قضايا تهم القراء والمتابعين، هاتفني صديق مصري يقيم في بلد عربي شقيق، بعد قراءته لمقالي السابق، المعنون بـ«مساحة القبح كانت الأكبر أيها السادة»، وقد تناولت من خلاله ما يقدم من دراما، لا تليق بخلفياتنا الثقافية والأخلاقية، خلال شهر رمضان الفضيل، قائلا بالحرف الواحد: الدراما تهدم في شهر، ما نبنيه في سنوات يا صديقي، بصراحة لا نأمن جلوس أبنائنا، أمام هذا الجهاز، وما يقدم فيه من تفاصيل، تتناقض تماما مع ما ربيناهم عليه، فقلت له، بما أنك مسافر منذ زمن، وتعمل في مهنة التدريس، ألم يقابلك موقف شعرت معه بالخجل، مما يقدم في بعض فضائيات مصر، من إسفاف وابتذال وخروج عن المألوف باسم (الدراما)؟ فرد علي صديقي قائلا: هناك العديد من المواقف، التي تعودنا عليها – للأسف الشديد – على الرغم من مرارتها، تخيل لو أنك تقف في صف دراسي، يضم العديد من أبناء الجاليات العربية، الذين يعيشون هنا في هذا البلد، وتجمعهم هذه المدرسة، وتفاجأ بأحد الطلبة، يردد جملة غير أخلاقية، ترددت في أحد المسلسلات، على لسان شخصيات مثل عبده موته والعو والأعور والأكتع، وحديثا سفينة وسرية، فكيف ستصبح صورتك، بعد هذا الموقف، بعد أن كان ينظر إلى المدرس المصري، نظرة إكبار وتقدير؟!
استمعت إلى حديث صديقي، وشعرت بلفحة حزن، أقوى من لفحة برد (طوبة)، بل أقوى من لفحة حر ورطوبة (يوليو). انتظرت ما (سيتحفني) به صديقي، عدا حكاية نظرة طلبة المدارس له ولغيره، والتي يراها أهون من غيرها، فقال: تعلم يا صديقي، مقدار ما تسهم به السياحة، في الناتج القومي لمصر، وللسياحة العربية نصيب كبير فيها، وهم يمثلون ٣٠ في المائة من السياح الذين يفدون إلى مصر، والمعروف أن نسبة كبيرة من الأشقاء العرب، تربوا على الفن المصري، الذي يقدم على شاشاتنا، وقت أن كان الفن قوة ناعمة، لا يستهان بها، حينما كان الفن يقرب بين الشعوب، هب أن أحدا من هؤلاء، خطط هو وأسرته لزيارة مصر، في العطلة الصيفية، وفي هذا التوقيت، تابع هو وأسرته، بعض مشاهد البلطجة، التي تقدم في بعض مسلسلاتنا الرمضانية، ألن تثنه هذه المشاهد، عن تنفيذ ما اعتزم القيام به؛ خوفا على نفسه وعلى أسرته .. إلى هنا انتهى كلام صديقي.
لقد نشر أحد الأصدقاء على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” بوست نقلته لكم كما نشره قائلا فيه:”إخواننا العرب غير المصريين، إلى كل من يشاهد الأعمال الدرامية المصرية، أحببت أن أخبركم أن الأعمال الدرامية في التليفزيون المصري لا تمثل – من قريب أو بعيد – الواقع المصري، فالحمد لله الواقع أفضل من ذلك بكثير، وهذه الكائنات لا تمثل غير نفسها وفئة قليلة لم تجد من يعلمها احترام الذات، وغالبية المحترمين من الشعب المصري لا يتابع هذه الأعمال الساقطة” .. إلى هنا انتهى بوست الصديق.
وعود على بدء .. لنقطة في غاية الخطورة، على اقتصادنا القومي، حينما نعود بالذاكرة، إلى فترة السبعينات والثمانينات والتسعينات، حينما كان الفن المصري يمثل قوة اقتصادية عابرة للحدود، إلى كل الدول العربية الشقيقة، التي شهدت وقتها، طفرة اقتصادية هائلة، نظرا للاكتشافات النفطية، التي كانت حديثة وقتئذ، وكان من بين الجوانب، التي كان يتجه فيها الأشقاء العرب، إلى الاستثمار فيها، الجانب الفني، من خلال شركات الإنتاج المصرية، وقت أن كانت تنتج سينما ودراما، ينظر لها بعينن الاعتبار، وبعد أن حادت الدراما السينمائية والتليفزيونية عن جادة الصواب، انصرفت هذه الاستثمارات، إما إلى شركات خاصة بهم، أو شركات في دول أخرى غير مصر.

وحتى لا أنهي مقالي، قبل التطرق إليها، أود أن أقف عند قضية في غاية الأهمية، وهي تمثل انعكاسا واضحا وصريحا، لما يقدم للأجيال، أود أن أشير إلى أننا، نصطدم في الشارع يوميا، بكم هائل من الألفاظ البذيئة، التي ترددت بقوة في الدراما الرمضانية، ووجدها مجموعة من الشباب، جُمَلًا سائغة سهلة الحفظ، لأنها ببساطة كتبت بطريقة الإفيهات المتعمدة والموجهة، التي تلتصق بذاكرة وألسنة هذه الأجيال، ولا تبرحها.

ما ذكرته هو غيض من فيض، التداعيات السيئة والسلبية، بل والقاتلة للدراما المصرية الرمضانية، وفي العقل والقلب الكثير، وهذا يدعونا إلى التوجه إلى كل المسئولين، لإيقاف الهدر المالي والأخلاقي لهذا البلد وأهله، وتوجيهه إلى ما يفيد ولا يضر، من أشكال التنمية في مصر، خصوصا وأن الحكومة، اشترت قطاعا كبيرا من الفضائيات الخاصة المصرية، ولديها شركة إنتاج هي الأقوى في مصر، فهل ننتظر منها ما يليق بمصر وسمعة وشكل المصريين في الداخل والخارج؟!.

 

 

 

2021/06/05 10:21ص تعليق 0 378
جميع الحقوق محفوظة © 2024 القاهرة اليوم نيوز