استوقفني تعليق أحد أصدقائي على الفيس بوك بقوله «شهر شعبان ترفع فيه الأعمال وليست الأسعار» وفي «بوست» آخر لصديق على الفيس بوك أيضا، يناشد أئمة وخطباء المساجد – عندما يصعدون إلى المنابر لمخاطبة الناس في جُمَعِهِم القادمة، ألا يحدثونهم عن العبادات المجردة من السلوك البشري الذي هو – صلب الدين – على أساس أن – الدين المعاملة – كما صرح بذلك رسولنا المصطفى – صلى الله عليه وسلم – في أكثر من موضع ومناسبة، وحث الصديق أئمة وخطباء المساجد، أن يوجهوا خطابهم للتجار المحتكرين لقوت الشعب، ودلل على أهمية ذلك، بأن حضور خطب الجمعة، يكونون في واديا، والخطباء في وادٍ آخر، وقد انشغل الحضور بالمساجد بما يهمهم – من الهم – ويكدر صفو حياتهم، من ارتفاع – غير مبرر – لأسعار احتياجات الأسر اليومية من مستهلكات يومية تتعلق برغيف العيش وما يسنده من – غموس – يسدون به جوع أبنائهم، وقد أرهقتهم متطلبات الحياة من دروس خصوصية ومصروفات مدارس، واحتياجهم الشديد إلى علاج وأدوية – أثقلت عليهم – لعدم توافرها بسعر يناسب دخولهم، وفواتير كهرباء ومياه وغاز، أصبحت تلتهم أكثر من نصف مداخيلهم المتدنية، وهو غيض من فيض.
أسوق كلامي هذا بعد القفزة الهائلة في الأسعار غير المبررة، فهل يتوقع الناس أن يصل سعر كيلو الباذنجان في (سوق شعبي) إلى ما يزيد على إثني عشر جنيها، وكيلو الفلفل يقفز إلى ما فوق الخمسة عشر جنيها، وسعر السمك (البلطي الشعبي) إلى الثلاثين جنيها، و(البوري الشعبي) إلى ما فوق الخمسين جنيها، وهذا على سبيل المثال لا الحصر؛ مستغلين أجواء الحرب الروسية الأوكرانية، وحالة التضخم التي تسود العالم، حتى وإن كان لدى هؤلاء – خارج مصر – ما يبرر تصرفاتهم، فسلوكهم لا يخلو من جشع أو انتهاز لظروف آنية تتعلق بهم.
وسؤالي هنا: هل نحن نستورد (الباذنجان) من أوكرانيا دون أن نعلم، كي يقفز سعره من جنيهين للكيلو إلى سعره الخيالي في الوقت الحالي ؟!، وهل نقلت مزارع السمك المصرية إلى روسيا، كي تزيد أسعاره إلى هذا الرقم المفزع؟!.
إنني من واقع مسؤوليتي المهنية – بصفتي كاتبا صحفيا أحمل الكلمة أمانة في عنقي – بأن أوظف ما أكتب دفاعا عن الحق وإحقاقا له، أناشد الجهات المسؤولة في الدولة سرعة التدخل لفرض رقابتها الحتمية والواجبة، على كل التجار الذين استمرؤوا، ورفعوا شعار الجشع والاحتكار عاليا، حيث لا يعلو صوت فوق صوت جشعهم، فأتساءل: أين دور (حماية المستهلك) فيما يحدث الآن ؟!، ولا أريد أن أسمع أحدا يحدثنا عن (العرض والطلب)، فهي إحدى مغالطتنا التي نعلق عليها جشعنا.
وعود على بدء، إلى الدين، على أساس أن العقلاء لا يفصلون دنياهم على آخرتهم، لماذا يسرع التاجر إلى تطبيق أي زيادة على أي سلعة جديدة على المخزون لديه من سلع اشتراها بسعرها القديم؟!، ولماذا يلجأ البعض منهم – إن لم يكن كلهم – إلى تخزين بضائع بغرض الاستحواذ على أكبر قدر منها واحتكارها وتعطيش السوق، حتى ينفرد هو بفرض سعر يرضي غروره، الذي يقدمه على رضا ربه؟!، ألم يعلم هؤلاء التجار أن جميع الشرائع السماوية حرمت ذلك؟!.
قال تعالى «وتعانوا على البر والتقوى»، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – «الله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه».