بُحَّ صَوتُنَا ونحن نحذركم ونحذر القائمين على صناعة الدراما في الثلاثين سنة الأخيرة، من أن ما يبث على شاشات السينما والتليفزيون يمثل جرائم مكتملة الأركان.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نستحلفكم بأي شيء بقي لديكم تدركون أو يدرك من حولكم قيمته فيكم، بأن تعيدوا حساباتكم الخاطئة.
بُحَّ صَوتُنَا، قبل أن تُستفحلَ الجرائمُ في مجتمعنا، فتلتهمنا لحمًا ودما وعظامًا وجلدًا وريشًا، وها هي قد التَهمت والتُهمنا.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نقول لكم من أين أتيتم بكل هذا التصور المستقبلي لأشكال الجرائم، فلا يزال مجتمعنا يحتفظ ببعض قيم، وبعض حكمة، وبعض رحمة، فاستجاب لكم القدر.
بُحَّ صَوتُنَا وأنتم تصرون على أن تسموا ما تقدمونه على شاشاتنا انعكاسًا لواقع.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن رافضون أن تفرضوا علينا قناعات مدفوعة الأجر، وواقعا ينضَحُ عفنًا وضياعًا وتيهًا.
بُحَّ صَوتُنَا وأنتم تجدون من يدافع عنكم باستماتة، عندما تصالحت مصالحكم، فكفرونا وادعوا طهارتكم وطهارتهم، ودنسوا الآخر.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نقول لكم حافظوا على طفل يعيش في نفوسكم وأفئدتكم والقلوب، وها هو الطفل تشرد.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نبحث عن أدوار مستحدثة أو حتى غائبة أو مؤجلة للرقيب، مع حضوره الآني، الحازم، البتَّار، في عالم وكواليس السياسة.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نقول أَصِّلُوا الأخلاق في عقول ونفوس أبنائكم، ونسينا أن حالات كثيرة ممن يقع على عاتقهم مسؤولية الأبناء – أو يفترض ذلك – هم خارج الخدمة.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن ننفخ في (قِربَةٍ مخرُومة) ونناشد أناسا نأمل فيهم القيام بدورهم التربوي، ونتفاجأ بأنهم يفتقرون لأدني حدود اللياقة، فما بالنا بالمسؤولية
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نناشد أئمة المساجد ومن يَعْتَلُون منابرها، أن يلتفتوا إلى تفاصيل المجتمع، ومدى الانحدار الأخلاقي الذي وصل إليه.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن ننبه أئمة المساجد إلى ألا يلتفتوا للقوالب الجاهزة والخُطب المعلبة، ويفصلوا خُطَبًا تقترب من الواقع الذي يعيشون فيه، ويناقشوا هناته وذلاته وعثراته وسقطاته، بلغة يفهمها رجل الشارع وست البيت ومن يعيش في كنفهما.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نقول للآباء انتبهوا لتفاصيل أبنائكم، ولا تتنازلوا عن حقكم في القَوَامَةِ ودوركم ومسؤولياتكم، التي شئتم أم أبيتم ستحملونها، إما مسببات فَتَخِف، أو نتائج فَتَثْقُل.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نقول لكم الدين المعاملة، التي هي صلب الدين.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نحاول أن نصحح لديكم معتقدا بأن مجتمعنا بخير؛ فلا تشوهوه برؤاكم المستقبلية التي أرادت للأمور أن تأخذ حيزا أكبر؛ فتضخمت.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نقول لكم، تمنيتم الهوان فهنتم.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نقول لكم رِفْقًا بالقَوارِير، وها هي القوارير كُسِرَت.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نقول رفقا بشبابنا، وها هم الشباب ضاعوا.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن نقول لكم رفقا بأطفالنا، وها هم الأطفال تشردوا؛ فشاخوا.
بُحَّ صَوتُنَا ونحن لا نزال على الدرب سائرين، فإن لم نجد صوتا، فسنتعلم لغة الإشارة، وإن تكسرت أصابعنا، وتقطعت الشفاه؛ فسنصرخ من صدورنا.
لقد بُحَّ صَوتُنَا، لكن لم تذبح فينا النخوة، أو يذبح الضمير.
