رئيس مجلس الادارة : إيهاب مباشر

رئيس التحرير : حنان الشايب

إيهاب مباشر يكتب #غرام_في_الجونة

 

 

عشنا خلال الأيام الماضية حالة جدلية مصاحبة لانطلاق فعاليات وعروض وختام مهرجان الجونة السينمائي، وقد أوجد المهرجان سجالا واسعا، شمل أغلب أو كل مواقع التواصل الاجتماعي، وإن كانت الحالة الجدلية مستمرة إلى اليوم، وأظنها ستبقى لبعض الوقت.
وحتى نكون منصفين في تعبيراتنا، فقد بدأ الجدل حول المهرجان قبل انطلاقته، حينما نشب حريق دمر جزءا كبيرا من قاعة العرض الرئيسية للمهرجان، وما صاحبه من شماتة أغضبت القائمين عليه والمهتمين به، وأغلب صناع السينما في مصر، مرورا بما أحدثته إطلالات الفنانين واستعراضهم على السجادة الحمراء في بدايته، وقد تسببت إطلالات الفنانات – على وجه الخصوص – في أن صب أغلب الجمهور جام غضبه على الفنانات، وقد وصل وصف غالبياتهن إلى حد أنهن (مش لابسين أي حاجة)، إلى أن خرجت إحدى الفنانات معتذرة للجمهور وصرحت بأنهن (مجرد شماعات لعرض أحدث الموديلات في عالم الموضة) يعني من الآخر هن مجرد (موديلز)، الموضوع طلع (بيزنيس)، هذا عدا إطلالة محمد رمضان، وما صاحبها من انتقادات ركز عليها عمرو أديب في (الحكاية)، وما استوقف المتابعين والنقاد فيما قام به الفنانون الذين حضروا عرض فيلم (ريش)، ما وصف أنه أظهر (نفسنة الفنانين)، لدرجة أن أحدهم أطلق تصريحا قال فيه (أم ماريو فضحت أكذوبتهم وعرتهم، أكتر ما هما متعريين ومفضوحين)، خصوصا وأن الفيلم فاز بجائزة النقاد فى مهرجان كان السينمائي، وهى جائزة لم يفز بها أى فيلم مصرى أو عربى من قبل، مع أن الفيلم لا يوجد به ممثل أو ممثلة معروفين من قبل، فهم كلهم كومبارس من الدرجة الثالثة المغمورين.
أسوق كلامي هذا بعد أن حالفني الحظ، وتابعت بحب – أمس الأول – فيلما شاهدته مرارا، وفي كل مرة تزيد سعادتي وفخري به، وما أقل أن تغمرك السعادة بمشاهدة عمل فني هذه الأيام إلا النذر اليسير، طبعا هو إبداع من زمن (الفن الجميل) وهو فيلم (غرام في الكرنك) للعظماء محمود رضا وعلي رضا وفريدة فهمي، وفرقة رضا للفنون الشعبية، وهو فيلم استعراضي كوميدي تدور أحداثه في معبد الكرنك بالأقصر.
هنا سأحاول أن أسترجع معكم بعض ما أحدثه هذا العمل الفني من أثر على جميع المستويات، مقارنة مما يقدم اليوم، ويؤثر تأثيرا سلبيا أيضا (على جميع المستويات)، إذا استثنينا (بعض الأعمال المحترمة والهادفة، التي تؤكد على الرسالة الحقيقية للفن الهادف).
أولا الفيلم من الناحية الفنية، حكاية وحبكة واستعراضا وأداء وإخراجا وكوميديا، كلها اتسمت بالإبداع.
ثانيا من ناحية التراث وإحيائه، فلن نرى أفضل من التابلوهات الاستعراضية التي قدمتها فرقة رضا للفنون الشعبية، تمثل هذا الإحياء في عرض رقصات تمثل كل شبر في مصر، من إسكندرية لمطروح لسيناء للشرقية للدلتا كاملة إلى الصعيد والنوبة، يعني من الآخر الاستعراضات طافت كل مصر ببيئاتها الساحلية والجبلية والريفية، ولو أردنا أن نوثق تراثا عظيما لنحييه ونتدارسه ونعلمه لأبنائنا ونعرفه للعالم كله، لما استطعنا أن نحقق لو جزء يسير مما حققته هذه الاستعراضات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، رأينا أزياء رائعة، وأشجتنا وأطربتنا أصوات وكلمات في منتهى الإبداع، بموسيقى أقرب إلى الطبيعة، هذا عدا ما تفردت به الفرقة من حركات واستعراضات حية كلها حياء وعفوية، وطبعا فرقة رضا للفنون الشعبية، فرقة عالمية غنية عن التعريف، ماضيا وحاضرا.
ثالثا الفيلم كان مساهما بشكل غير متوقع في تنشيط حركة السياحة والترويج لها، ولو أنفقنا مئات الآلاف من الدولارات على عمليات الدعاية، بما يقدم فيها من جهد جبار عن طريق الدراسات والأبحاث والمسابقات والمؤتمرات والإعلانات المقروءة والمرئية، لما حققت كل هذه الأموال ما يحققه استعراض واحد ولو صامت، قدم في حضرة آثار مدينة الأقصر العالمية.
كل ما ذكرته من استعراضات الفيلم شيء، واستعراض (الأقصر بلدنا بلد سواح) شيء آخر، وقد حفظناه بتفاصيله المبهحة، التي تدعونا إلى الفخر بما قدمناه في (زمن الفن الجميل).
طبعا هناك ثالثا ورابعا وخامسا، وما لا نهاية، لا يتسع المقام هنا لذكرها، لأن مكانها الطبيعي المقالات التحليلية والدراسات والأبحاث.
أعود وأسوق كل ما ذكرته لأرثي نفسي وأرثي المشاهد لما رأيناه من مناظر مؤسفة لعري مقذذ لممثلات تخطين الستين والسبعين وهن يكابرن، وممثلات في أواسط أعمارهن مغمورون بما يقدمون، وممثلا ناشئات يتطلعن إلى الوصول إلى ما وصلت إليه أشيمطات التمثيل (عواجيز الجونة).
تحية احترام لمن نأى وأعرض .. تحية تقدير لمن تنحى .. تحية حب لمن أعاد ترس الساعة وغير مؤشر القناة؛ بحثا عن حاجة محترمة يشاهدها، إلى أن يأتي الوقت الذي نشاهد فيه #غرام_في_الجونة.

2021/10/28 1:55م تعليق 0 267
جميع الحقوق محفوظة © 2024 القاهرة اليوم نيوز