لعل هناك عيد كروي سنوي مصري تنتظره الجماهير المصرية بشكل سنوي، وقبل وبعد المباراة تستمر المناوشات والجدل الدائم والمستمر هنا وهناك، وليس هناك كلام بين الناس إلا ما سيحدث اليوم بين الأهلي والزمالك، ومن سيفوز، لدرجة أنه في بعض الأحيان نجد اهتمام الناس بالموضوع أكبر من المنتخب نفسه، وللأسف الشديد نجد الموضوع يأخذ مناحي مختلفه تماما؛ فيكون التعصب الأعمي والأهوج بين الجماهير سيد الموقف، ويتطور الأمر للتراشق بالألفاظ والكلام الخارج والمناوشات الإعلامية، خصوصا في عالم السوشيال ميديا. وهنا أريد أن أتوقف كثيرا عند نقطة تخص بعض وسائل الإعلام، لأنهم سبب كبير لما يحدث الآن، هذا عدا الأفكار السلبية وتغذية التعصب بشكل يقيني، كان ولا يزال لعبة في يد بعض المنتمين للوسط الإعلامي الرياضي، وقبل أن يأخذ الإعلام هذا الاتجاه كانت الجماهير تتفهم الأمر بشكل عادي، فمن يفوز ينال الإشادة ومن يخسر ينال الدعم، وكان هناك رقي في التشجيع، ومتعة به، ولم نكن نسمع أبدا عن وفاة مشجع، أما الآن وبعد انتشار نبرة العنف والتعصب الرياضي، ولعب الإعلام على هذا الوتر، فقد تفاجأنا باستمرار التعصب، وأصبح الموضوع لدينا أننا نعيش حالة حرب دقت طبول، ويجب الفوز حتى لو كانت المباراة بلا ناقة أو جمل حقيقي، وكل مكسبها إما نقاط في الدوري أو المرور من دور إلى آخر في بطولة، وقضي الأمر.
أتذكر أننا في فتره من الفترات، كانت نبرة الإعلام تتجه ناحية افتعال التعصب الشديد في مباريات الأهلي والاسماعيلي، وقت أن كان الإسماعيلي منافسا قويا جدا، ومنافسته كانت أقوي من الزمالك، وهي فتره ليست بالبعيدة، وكانت بالفعل مباراة الأهلي والاسماعيلي، لها شكل ومضمون مختلفين، لكن في الحقيقه تظل مباراة الأهلي والزمالك – حتى لو كان الزمالك في أضعف حالاته، أو الأهلي صاحب الإطلالة الأقوى لدى الجماهير، والمعشوق الأول والابن المدلل، لكن للأسف يستغل الإعلام نبرة التحدي التي تصل إلى الناس، ويذكي نبرة الصدام والاحتراب، فهي في النهاية لا تتعدى كونها مباراة كرة قدم.
ولنا أن نتخيل أننا نسمع خلال مباريات الفريقين عبارة من المشجعين أنه “لو أحد الفريقين يلاعب تل أبيب، لشجع جماهير النادي الآخر تب أبيب” أيعقل هذا الكلام ؟! للأسف هذه العباره تظهر لك إلى أي مدى وصلنا إلى حالة مذرية من انعدام الروح الرياضية بين الجماهير، وأصبح الأمر وكأنه خلاف بين أعداء وليس في النهاية مجرد مباراة كرة قدم.
إنني لا أريد أن أتطرق بشكل معمق وكبير إلى الجوانب الفنية، فمعظم الجماهير أصبحوا متابعين ويعلمون الخطط التكتيكية للأندية، وكأنهم حلوا محل المدربين، بل هم المدربون أنفسهم.
إن القول الفصل عن هذه القمة، أنه لم يستفد فنيا من أي مبارا قمة سوى من عدد محدد من مبارياتها، وعادة مباريات القمة دائما ترفع شعار “تكسب ولا تلعب” وهي في الأغلب الأعم.
إننا نريد أن نخرج دائما بفوائد من مباريات القمة، لأن الفائز الأول دائما الكرة المصرية ومنتخب مصر، لذا لابد أن نخرج من عباءة وفكرة أن الهدف من المباراة الخروج بمادة إعلامية دسمة يستفيد منها الإعلام لأيام، وحتى إشعار آخر، إلى أن يقدم موضوع آخر أوراق اعتماده، حيث لا تهمه العواقب، بقدر ما تهمه الإثارة.
لابد أن تكون المباراة فرصة لاكتشاف مواهب جديدة وتكون بداية انطلاقة حقيقية لهم، ويكونون مستقبلا لمنتخبنا القومي.
لابد وأن تسود في الأجواء حالة من الحب والتراضي بين الجمهورين، ينشرها ويرسخ لها الإعلام ويتبناها كفكرة؛ لعلها تصلح ما أفسدته التجارب، ونرى جمهورا كما كان، يعشق الكرة ويشجع اللعبة الحلوة أيا ما كانت ويستمتع بكرة القدم وسحرها وجنونها، كما يفعل معظم جماهير أوروبا.