رئيس مجلس الادارة : إيهاب مباشر

رئيس التحرير : حنان الشايب

فوزي رمضان يكتب “خليك جالس على المقهى”

أصبح من المعتاد في مصر وأنت مسترخٍ على مقعدك، تجد من يطرق عليك باب شقتك، وفي أي طابق كنت، وتفاجأ ببشر من ذوي الأعين الضيقة والبشرة الصفراء، محملين بأثقال من البضائع، لا يتحدثون في أي شيء سوى عرض بضاعتهم فقط، اشتريت منهم أم لم تشتر، يتركونك في أدب جم، ويهبطون السلالم التي صعدوا منها إلى زبون آخر، وبعد يوم عمل متواصل يصل لأكثر من 12ساعة، يخلدون للراحة في غرف رخيصة متواضعة بالأحياء الشعبية، فى كل محافظات مصر.

وحضرتك تدخن الشيشة، وتحتسي الشاي على المقهى، ستجد الصينيين يحملون بضاعة من إنتاج وطنهم فقط، يعرضون عليك كل شيء من الموبايلات إلى ولاعة السجائر، يقطعون آلاف الأمتار بلا كلل، لا يعنيهم تورم أقدامهم أو أعباء أثقالهم، يمشون في الشوارع ويكسبون آلاف الجنيهات، وبدون محل يعرضون فيه بضاعتهم، لا تعنيهم سياسة، ولا تشغلهم المجادلات العقيمة، لا يتكبرون على عمل، فقط لديهم الإصرار على إنجاز المهمة، إنه المواطن الصيني الذي سيظل يعمل، مهما علا شأنه.

500 ألف صيني في إقامة شبهه دائمة، ونحن ندخن الشيشة على المقهى، ونتجادل فى اللا شيء، علم الصينيون أن مصانع كثيرة متوقفة، في منطقة شق الثعبان التى تعد أكبر مركز للرخام في الشرق الأوسط، ومن ثم قاموا باستئجارها جميعا؛ ليقوموا بعد ذلك بعمليات تصنيع كامل لبلوكات الرخام، وبيع منتجات نهائية حديثة في السوقين المحلى والأجنبي .. وحبايبنا المصريون يندبون حظهم في شق الثعبان، ولا يملكون سوى الشكوى ولعن (سلسفين أم الحكومة) التى لم تأتِ لهم بالإفطار على أسِرَّتِهِم. وسيادتك تناضل من أجل الهروب من بلدك، جاء إلى مصر رجل الأعمال (ون مينج)، الذى أشهر إفلاسه في الصين وجاء الى مصر، وعمل في المنسوجات وفشل وعاش وزوجته حياة أقرب إلى التسول، وبدأ في بيع المنتجات الصغيرة، وفشل وأخيرا استأجر قطعة أرض صغيرة بالجيزة، وعمل على زراعتها بالخضراوات،  كان يعمل 20 ساعة متواصلة ، نجح .. فاستأجر حوالي فدانين من الأرض الزراعية وقام بزراعتها خضراوات صينية، لإعادة تصديرها لوطنه الأم، وفى غضون ثلاثة أعوام أصبح مليونيرا بالعملة المصرية، وعنما سئل كيف نجحت ؟! قال أولا زراعة الخضراوات تحقق أرباحا كبيرة، ثانيا جئت من الصين وانا أعلم، أن ليس لي لا أكل ولا دعم ولا شرب ، والمبدأ عندنا (تعمل تأكل، تتكاسل تموت) وعندما سئل عن أحوال المصريين، قال إن حكومتكم تقف بجوار المواطن بشكل غير عادى، وهو أمر غير جيد، حيث يتعود المواطن على الاتكال والكسل والنوم والخمول، في انتظار أن تدعم له الدولة السلع وتضبط له الأسعار، وتعلمه وتوظفه وتزوجه و..

وسيادتك تلعب الطاولة على المقهى، ستجد المحل الذى أمامك يشغله سوريون، من تعداد 700 ألف يقيمون في مصر، جميعهم يعملون في كل شيء، من بيع الفاكهة والفتوش والمكدوس والمأكولات السورية، إلى سلاسل المطاعم الكبرى التى لا تتسع لزحام الزبائن، ويتكسبون آلاف الجنيهات، شعارهم الابتسامة والذوق والنظافة بعيدا عن (اللبط والنصب) فأوجدوا لأنفسهم مكانا مميزا لم يتعود عليه المصريون من مواطنيهم.

أعداد تصل إلى الملايين تعمل في بلدك، من المهن البسيطة إلى قطاع البترول، إلى رجال التشريع والإدارة، إلى المهن العلمية الدقيقة، ويحولون لبلدانهم ملايين الدولارات، وأنت في انتظار السراب والهجرة والسفر والهروب، ولو سافرت ستعمل مثلهم وأكثر، وتتسول الرحمة ولا شفيع لك سوى العمل الشاق، (خليك جالس على المقهى أريح).

2018/06/30 4:42م تعليق 0 1491

ذات صلة

فوزي رمضان يكتب “السؤال ليس مذلة”

من البيت إلى المدرسة، كانت عقدة السؤال، ومن رعب الأب إلى رهاب المدرس، تليت علامة الاستفهام على شفاه الصغار، فأخرستهم عن السؤال، الخوف من سخرية زملاء الفصل، كبلت كل علامات التعجب والاستفسار على أفواه التلاميذ، النابهة منهم حتما سيصدم...

فوزي رمضان يكتب “شعبٌ عن الأحقاد مرتفعٌ”

تعودنا على من يسبنا ويشتمنا، ويلعن سلوكنا وعاداتنا، وبقدر ما نسمع من إطراء ومدح في المصريين من كل الدنيا، بقدر ما نسمع مجلدات من اللوم والتقريظ وصب اللعنات علينا، منذ التاريخ الضارب في القدم، وصولا إلى العصر المعاش. عندما سمعت...

فوزي رمضان يكتب “هاجر إلى بلدك مثلهم”

في الوقت الذى لا تملك حضرتك ـ حينما تعمل في الخارج ـ حتى جواز سفرك أو أغراضك الشخصية، التى سترغم متحسرا أن تتخلص منها بأدنى سعر، أو تدفع أضعاف أثمانها في الجمارك، وأنت تعانى ويلات الغربة في بلاد الله،...

جميع الحقوق محفوظة © 2024 القاهرة اليوم نيوز