رئيس مجلس الادارة : إيهاب مباشر

رئيس التحرير : حنان الشايب

مرام محمد تكتب «الإنسان.. الرهان الكسبان»

 

شعوب العالم أجمع عانت ولا تزال تعاني من الأزمات، وإنني أكاد أجزم بأنه لا توجد دولة لم تتعرض لصراعات وعقبات، فالعالم مجموعة دول يعيش فيها أفرادها، يمارسون أنشطتهم المختلفة، يتفاعلون مع بعضهم البعض؛ ويخضعون لنظام سياسي متفق عليه، ينظم لهم حياتهم، ويرسم لهم مستقبلهم، ويتولى الإشراف على شؤونهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ لخلق مواطن متعلم، ينعم بالصحة والاستقرار النفسي والمادي، يحصل على حقوقه، كإبن من أبناء هذه الأرض، ويؤدي واجباته كمواطن من مواطني هذه الدولة؛ لضمان تحقيق الاستقرار والازدهار.

إن بناء الإنسان حتما كان سابقا لعمارة الأرض، حيث إن العلامة الفارقة لنهضة الأمة، تكمن في الإنسان الناشئ على أسس تنويرية، حتى يتمكن من أداء مهمته المقدسة “تعمير الأرض”، وبالتالي لا يمكن أن نتجاهل الانسان، فرؤية البناء تبدأ من إعادة هيكلة وتهيئة هذا الإنسان، خاصة إن كان عانى لفترات طويلة من الجهل والفقر والإهمال، في ظل فساد بعضه متوارث، نتيجة غياب المساءلة والمحاسبة وفوضى التعليم والحضور غير المرضي لخطاب ديني واضح وحقيقي، في بعض الأحيان.

إن الأزمات التي عانت منها مصر، كان لها تأثيرها القوي على مجريات الأمور فيها، لكنها استطاعت في وقت معلوم وبإدارة حكيمة أن تتخلص من سموم عانت منها لسنوات طويلة، في ظل محاولات خفية تحاول دوما المساس بأمننا واستقرارنا.

إننا نعيش حاليا فترة مليئة بالإنجازات التي طالما حلمنا بها، محاولين أن نخلق حياة أفضل تليق بنا، والدليل على ذلك بناء المستشفيات والمدارس والجامعات وناطحات السحاب، التي حلت محل العشوائيات، التي ظلت تتصدر المشهد وكانت تمثل المشكلة الأكبر التي ـ لولا معالجتها ـ لأدت إلى هلاكنا، وهلاك ما تبقى لدينا من قيم.

ومع كل ما تقدم من مظاهر العمل والبناء، لازلت تحيا بداخلنا عوامل مد وجزر، بين البناء والهدم، فتصطدم لدينا النهضة العمرانية وتطوير البنية التحتية، بفقر أخلاقي وديني وثقافي وعلمي يعشش في نفوس ذوي الهمم والأخلاق الضعيفة.

إن أكبر عدو للوطن هو العامل الذي باع ضميره، والموظف الذي انحرف سلوكه، إن علتنا تكمن في الفساد والجهل والفقر، فكيف يتسنى لنا أن نبني وطنا، وقد غابت فيه العقول، في ظل وجود أسر غاب عنها دورها، أو هي غابت عنه ونسيته، وفي ظل تعليم خامل، وتخدير مُباح؟!

إن التطور ليس دلالة كاملة على التخلص من الفساد، فمشكلتنا ليست في التطوير، لكن مشكلتنا تكمن في الفساد المتأصل لدى بعضنا، ويحتاج إلى الرقابة والمتابعة، التي نحتاج إليها الآن أكثر وأشد من أي وقت مضى.

وحتى نُعالج مشاكلنا وأزماتنا بشكل واقعي وحقيقي، وحتى ننعم بالإنجازات والمشاريع ونصل إلى حُلم التنمية المستدامة،  فإننا نحتاج إلى إنسان ينعم بحقه في التربية والتعليم والصحة، في ظل سيادة القانون، التي لا تفرق بين مواطن ومسئول، وبهذا سنقضي على نسبة كبيرة من الفساد وسيشعر المواطن بالإنجازات الحقيقية التي لا تخطئها عين عاقل، على أرضنا الطيبة.

2021/04/17 4:12ص تعليق 0 371
جميع الحقوق محفوظة © 2024 القاهرة اليوم نيوز