يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ -إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ -وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) ).
إن حالة الطمع التي وصل إليها بعض الناس من البسطاء، وتطلعهم الى الربح العالي السريع، دون تعب، دفع بهم إلى بيع أراضيهم وعقاراتهم والمواشي، وأموال تم جمعها بالكد والشقاء والعذاب في الغربة، حتى يُكوّن الشخص نفسه ماديا، ويعود الى وطنه ميسور الحال، فيقابله نصاب، مستغلا حالة الطمع التي تنتابه، وفي النهاية نجد نصابا أجهز على طماع.
والسؤال هنا: لماذا لا يفكر هذا الشخص ـ الذي تعب في جمع أمواله ـ فيكمل مسيرته في الحياة، و يقيم مشروعا يضع فيه أمواله ويديرها بنفسه، ويعلم أبناءه في حياته العمل وكسب الرزق من التجاره والمشاريع المختلفه، لماذا يسلم ماله وروحه إلى شخص ما، لمجرد أنه يثق فيه، ويلقي له أمواله، مقابل إيصال أمانة، لا يسمن ولا يغني من جوع، في الوقت الذي يهرب فيه هذا النصاب المتسريح من عقاب الحكومة.
يفوز النصاب بالنصب والاستيلاء على ملايين الجنيهات، يوزعها، يهربها في الخفاء إلى أقاربه وأبنائه، أو يدفنها في مكان ما، ونسي أن الله يراه ويعلم نيته، وأن الله سيعاقبه، وأن المال الذي نهبه من الناس، سيعود عليه في الدنيا بالمرض والوبال له ولأبنائه، وأن أبناءه سيصابون بأمراض مستعصيه، لن يعالجها المال الحرام.
قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الْجَنَّةِ كُلَّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ -مِنْ حَرَامٍ- فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ»
إن النصاب يسعد بمال جمعه من دم الناس، بعض الوقت، ويختفي هذا المستريح ويهرب بعيدا عن أعين الناس، لكن عين الله تراه.
في حديث لرسول الله، صلى الله عليه ويسلم يقول فيه: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره».
ويقول صلى الله عليه وسلم : ( لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى هاهنا ـ ويشير إلى صدره ثلاث مرات ـ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم .
ولا تنس أيها المستريح النصاب أن ما بيدك الآن هي أموال الناس، “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ”.
لماذا يثق البسطاء في النصابين؟ كيف يدع انسان عاقل أمواله في يد شخص ما، مهما كان يثق فيه، لماذا تكتب على نفسك أن تقع فريسه النصب والاحتيال ؟
يجب أن يعلم النصاب أن الله سيعاقبه { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }..[فصلت:19-21].
لابد وأن يتذكر النصاب حديث رسول الله صل الله عليه وسلم، رَوى ابنُ حِبَّانَ والترمذيُّ في جامِعِه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: “لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ – عَن عُمُرِه فيما أفناهُ – وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ – وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ – وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ- “.