كتبت ـ دينا شفيق
في يوم (الجمعة) السابع عشر من فبراير 1978، وصل يوسف السباعي، وزير الثقافة المصرية إلى العاصمة القبرصية نيقوسيا، قادماً من الولايات المتحدة، على رأس وفد مصري للمشاركة في مؤتمر التضامن الأفروآسيوي السادس، الذي عقد لصالح القضية الفلسطنية، بصفته أمين عام المؤتمر، واستقبله على المطار حسن شاش سفير مصر في قبرص، لكن السباعي لم يعلم ماذا تخبئ له الأقدار هناك.
في صباح اليوم التالي (السبت) 18 فبراير، قرابة الحادية عشرة نزل يوسف السباعي من غرفته الكائنة في الطابق الخامس في فندق هيلتون واتجه نحو القاعة في الطابق الارضي التي بدأ فيها المؤتمر أعماله برئاسة الدكتور فاسوس ليساريدس نائب سكرتير المنظمة ورئيس الحزب الاشتراكي القبرصي. في طريقه، توقف السباعي أمام منفذ لبيع الكتب والجرائد مجاور لقاعة المؤتمر، في تلك اللحظة أطلقت عليه رصاصات ثلاث استقرّت في رأسه وفارق الحياة بعدها مباشرة.
تناقلت وكالات الأنباء الخبر بسرعة وتلقى المصريون نبأ اغتيال السباعي بصدمة بالغة، وارتسمت الأسئلة المبكرة عن هوية مرتكب الجريمة. أشارت التكهنات إلى تورط السلطات القبرصية وتواطئها مع القتلة لتنفيذ جريمتهم، في ظلّ غياب الأمن اللازم لحماية الوفود المشاركة. إذ أكد المصريون الذين شاركوا في المؤتمر عدم تأمين الإجراءات الأمنية اللازمة من السلطات القبرصية لتوفير الحماية المطلوبة للوفد المصري المشارك نظراً إلى الظروف السياسية التي كانت تعيشها مصر بعد زيارة السادات للقدس، وتزايد التهديدات لكل من رافقه.
أطلقت في مراسم الجنازة ردود فعل شعبية ورسمية ضد القضية الفلسطينية، وشنت أجهزة الإعلام المصرية حملة شرسة وقاسية شملت فلسطين وقضيتها، وهتف المشاركون في الجنازة بهتافات معادية لفلسطين تجاوزت كل الحدود، وقرر الرئيس السادات حرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة التي كانوا يتمتعون بها في مصر والتي أقرها الرئيس جمال عبد الناصر لهم منذ عام 1954.