عن العلاقات العمانية الإماراتية أتحدث
« الرزق يبحث عنك ولا تبحث عنه »، مقولة سمعتها من فضيلة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي ـ رحمه الله تعالى ونفع بعلمه المسلمين ـ وقد كانت لي تجربة تؤكد على هذه المقولة قبل أن أسمعها.
ولأن «الشيء بالشيء يذكر»، أو بالأحرى «الفضل بالفضل يذكر»، أو بأحرى الأحرى «الجميل بالجميل يذكر»، ولأن «من لم يشكر الناس لم يشكر الله»، فأنا أدين بالفضل للزميل الراحل الكاتب الصحفي الأستاذ زكريا نجم، الذي زكاني عند المؤسسة العمانية للصحافة، عندما طلب منه أن يختار كادرا من العاملين في الصحافة المصرية؛ ليرشحهم للعمل معهم، بصفته كان مسؤولا سابقا بها قبل أن ينهي عمله فيها ويعود إلى عمله السابق، زميلا لنا في جريدة الجمهورية المصرية، وبشهامته ومروءته المعهودة، أنهى لنا إجراءات سفرنا إلى سلطنة عمان، بمعاونة الكاتب الصحفي والأخ العزيز الأستاذ محمد عمر، وفي خلال أقل من شهر، كانت بحوذتتا تأشيرات وتذاكر السفر.
رحم الله الراحل زكريا نجم، وغفر له وأسكنه فيسح جناته، وحعل ما قدمه لنا في ميزان حسناته.
كانت البداية في منتصف شهر يوليه من عام 2002، عندما وصلت إلى سلطنة عمان لأول مرة، وقد كان لي سابق تجارب إلى دول أخرى في الخليج ـ وأحسبهم كلهم على خير ـ لكنني من أول يوم وصلت فيه إلى السلطنة، شعرت فيها بأنني لم أغادر مصر؛ لطيبة أهلها وتوددهم، وكرم أخلاقهم، وتواضعهم، والدليل على ما أقول أنني استمريت في عملي في سلطنة عمان فترة طويلة، وقد كان للوظيفة الكثير من الامتيازات المادية والأدبية، فشكرا لما قدمته لنا المؤسسة العمانية للصحافة الممثلة في جريدة الوطن التي عملت بها، وشكرا للشيخ محمد بن سليمان الطائي صاحب المؤسسة.
وكنوع من رد الجميل، ولأن «الجميل بالجميل يذكر»، فلم تعترض المؤسسة على تعاوني مع إذاعة سلطنة عمان في مجال الدراما المقدمة للأطفال خلال فترة تواجدي في السلطنة.
ولأن أيضا «الفضل بالفضل يذكر»، ونظرا لاتصالي بالمؤسسات الثقافية التي كنت أتواصل معها بصفتي محررا بالقسم الثقافي والأدبي والفني بالجريدة، فقد حولت معظم كتاباتي في مجال الدراما إلى مجموعات قصصية للأطفال، ومنها انطلقت إلى كتابة مسرحيات للأطفال، وقد تبنت المؤسسات الثقافية العمانية إصدار وطباعة ونشر وتوزيع إصداراتي، التي أهلتني ـ مع مداومتي على كتابة المقالات ـ إلى أن أترقى في مجال مهنة الصحافة من مجرد محرر صحفي، إلى أن أصبحت كاتبا صحفيا، ومن هذه المؤسسات التي دعمت نشر إصداراتي، «الجمعية العمانية للكتاب والأدباء» و«النادي الثقافي»، فلهما ولكافة المؤسسات الثقافية العمانية، ولكل القائمين عليها السابقين والحاليين واللاحقين، كل تحية وتقدير.
تشاء ظروفك وأقدارك أن تتلاقى بأشخاص يتركون أثرا كبيرا في حياتك، من جميل خصالهم وبصماتهم الخيرة عليك وعلى كل من قابلوهم، ومن هؤلاء صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، سلطان عمان، لأني أعرف جلالته منذ ما يزيد على عشرين عاما، عندما كان وزيرا للتراث والثقافة، وكانت الوزارة بدوائرها المختلفة أحد مصادري، وقد عرفته قبل ذلك أيضا في أول أسبوع لي في السلطنة، عندما كنت مدعوا مع زملائي منتسبي المؤسسة الصحفية، من قبل الشيخ محمد بن سليمان الطائي، صاحب المؤسسة العمانية للصحافة؛ بمناسبة عقد قران إبنه سليمان، وكان المكان الذي جمعنا بعقد القران، هو أحد مساجد منطقة القرم الراقية بمسقط، وكان من قام بعقد القران، فضيلة مفتي عام سلطنة عمان، فضيلة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي أبقاه الله.
وكان أشد ما لفت انتباهي خلال عقد القران، موقف لجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، وقت أن كان وزيرا للتراث والثقافة، دخوله المسجد منفردا، عصاته بيمينه، بدشداشته العمانية المعروفة، ودون أي مظهر من مظاهر «البروبجاندا» والسيادة ـ وهو أهل لها ـ حيث جلس في أول موضع وجده في المسجد، ولم تفلح معه محاولات الشيخ محمد بن سليمان الطائي والد العريس، لإثنائه عن الجلوس في هذا المكان، والتقدم لأول صفوف جلوس الحضور في المسجد.
ما هذا الذي أراه ؟! وأي تواضع هذا الذي تترجمه أخلاق هذا الرجل ؟!، حقا هو تواضع العظماء.
للحديث بقية ..