كتبت ـ دنيا محمد حسن

يُعد التسلط هو من أبشع الطباع التي من الممكن أن تكن موجودة في شخص ما، خاصة لو كان هذا الشخص قريب منك مثل الأب، فمن الممكن أن تحدث العديد من المشكلات العائلية بسبب هذا التسلط.

تؤكد الدكتورة هبة عيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، أن الأب المتسلط مرفوض من الأبناء وتشير إلى أن التسلط فى الأسرة هو استخدام الأهل للسلطة فى توجيه سلوك الأبناء فتجدهم يظهرون حب السيطرة وإلقاء الأوامر، ويتوقعون أن يبدأ الجميع بتنفيذ ما يطلب منهم دون اعتراض، وغالباً ما يرفض الشخص المتسلط النقاش، ولا يسمح به إلا من أجل الموافقة على رأيهم وغالبا ما يلجأ الأب المتسلط إلى المبالغة فى متابعة كل كلمة أو حركة يقوم بها الابن مع فرض أوامر وقوانين صارمة تعقبها تعليقات سلبية وتدخل الأب فى كل تفاصيل الحياة الصغيرة والكبيرة وقد يعتبره أولاده إنسان بلا عواطف ولا يستوعب أى نقاط ضعف لدى ابنه.

وتعتقد الطبيبة النفسية، أن الآباء يقومون بهذا السلوك بدافع الحرص والتوجيه للأبناء، وقد اتجهت الأبحاث النفسية إلى أن التسلط هو المثير الأول لدوافع الكراهية والغضب لأنه يكون مقروناً بالقسوة فى المعاملة وهو سلوك لا يتفق مع حب وحنان الوالدين، فالابن الذى يشعر بالتسلط من قبل والده يتولد لديه الشعور بالاضطهاد والقهر ومن جراء هذه القسوة لا يمكن للابن أن يكون شخصية مستقلة ويظل يعانى سلوكاً قلقاً فى شبابه بين رغبته فى الاستقلال وبين تأثره بشخصية والده المستبدة التى كثيراً ما تترك أثارة على نفسه وعلى مستقبلة.

إضافة إلى أن الابن الذى يمارس والده عليه التسلط يميل إلى العدوانية وحب التسلّط مع زملائه فى المجتمع الخارجى؛ فيما عرف بإعادة أنتاج القهر وذلك بسبب الحاجة إلى التفريغ لما يلاقيه من تسلط، أو تقليد لما يراه من سلوكيات والديه.

وتنبه الدكتورة هبة إلى ضرورة الاعتدال فى تربية الصغير دون الإفراط فى مراقبته فالسلطة دون إيذاء هى التى يقبلها الأبناء ويردون عليها بالاحترام والثقة ولا ننكر أهمية أن يكون الأب حازماً فالحزم مطلوب والحدة مقبولة فى بعض مراحل تربية الأبناء وخصوصاً الذكور ولكن دون استعمال مفردات قاسية أو توبيخ يشعر الطفل بالدونية والتعاسة فكل ذلك يدمر نفسية الابن ويقضى على نمو شخصيته فيتحول إلى السلبية التى تدفع الأب إلى مزيد من التسلط.‏

ولعلاج هذه التسلطية فى رب الأسرة يجب أن يراجع الأب المواقف التى يعامل أبناءه فيها بتسلط، ويدرك هو ويقول، إن هذا الأسلوب الذى أمارسه مع ابنى، هو نفس النمط الذى كان والدى يمارسه معى وكنت أرفضه؟؟!!!

هنا يجب أن تعيد الحوار مع ابنك كما تقول الدكتورة هبة وإعطاءه الفرصة للتحدث وإبداء الرأى بحرية دون مقاطعته وسماعه بتفهم وأقدم له النصح وأضرب له أمثلة من الحياة وإذا لم يقتنع اتركه فترة يفكر بهدوء ثم كرر المناقشة مرة أخرى فى وقت لاحق وإذا لم يقتنع أبدى له رأيك بصراحة وهدوء واترك له حرية الاختيار مع تحميله مسئولية ما يفعل.

كيف أتعامل مع أبي المتسلط ؟

محاولة مواجهة صفة التسلط لدى الأب 

يجب علينا مواجهه الأب مباشره بالأمر حتى لا يتطور بالتسلط عليك أيضا، يجب أن نطور من المواجهة عن طريق التحدث في الأمر مباشره ولكن يجب أن يكون التعبير شامل جميع الأمور الخطأ التي تحدث سواء كانت التسلط أو غيرها من الأمور التي تسبب المشاكل بينك وبين والدك ، فهذا يجعل بينك وبين والدك جزء من التقبل فيما بعد ، والمواجهة في حد ذاتها شئ جيد وخصوصا في أول الأمر قبل أن يتطور.

 الطريقة الصحيحة للمواجهة 

يجب أن نخطط أولا للمواجهه لكي تنجح ولا تؤدي للمشكلات فمثلا تحدث معه في وقت يمكن أن يكون عقله خالي من التفكير فيه و يكون قد تخلص من ضغوطات عمله وتفكيره الدائم في العمل ، وحينها فقط سيتقبل المواجهة وسيتفهم الأمر لا محال لأنه أيضا يعلم أن التسلط من العادات السيئة والتي تجعل الناس تبتعد وتنفر منه.

ماذا لو لم يتقبل والدك حديثك ؟

لا تغضب من هذا الأمر فمعظم الآباء لن تتقبل النقد من أول مره تواجهه فيها ، فيمكن أن تختار الوقت المناسب والكلام المناسب وتواجهه حينها ولكن عندما يوجد فرصه للتقبل ولتقبل النقد يجب اتباع عده شروط ، اتركه وشأنه لعده أيام وعاود الكلام في موضوع التسلط معه ، حينها يمكن أن يتقبل الموضوع من باب انك ولده وتريده أب متميز وأيضا كلنا نريد آبائنا افضل الناس وهو أيضا سيتقبل هذا ولكن تذكر اختيار الوقت المناسب .

ماذا افعل مع أبي إذا كان يتسلط على ؟

يجب أن يرجع الأب في المواقف التي يتعامل بها معك، فمثلا عند إتباع ما سردنا عليكم، من الطبيعي أن يتغير الأب قليلا تجاه ولده أو يقلل من التسلط عليه ، غالبا يكون الأمر عقده نفسيه لدى الأب حيث كان والده أيضا يتسلط.
وسيصبح عندك انت أيضا تسلط إن لم تسارع بتغيير الأمر معه ، فيجب أن تعيد الحوار مع والدك وأن تعطيه الفرصة في التغير إلى الأفضل.

ويجب أيضا أن يتركك أن تبدى رأيك بحريه معك ، يجب عليك أن تفهمه وتسمعه دون أن تقاطعه بشيء ، يجب عليه هو أيضا أن يتفهمك ويضرب لك من أمثله الحياه ويعلمك ويحرص عليك ، يجب أن تقنعه بطريقه ما ، وإذ لم يقتنع تحدث معه وشاركه رأيك بكل بهدوء.

ويجب عليك أن تترك له حريه الاختيار ، وهو يعلم بعد ذلك أنه سيتحمل مسألية ما يفعل ، وسيعلم أيضا أن التسلط تصرف لا ينبغي أن يكون في الأب حتى لا يتطبع الابن بنفس طبع الأب وهو تصرف خاطئ كليا يجب أن نوازن ونفرق بين الحديث معه في أمور التسلط وفى المشاكل بينك وبينه.

المهمة الأخيرة 

عليك الاهتمام به ومصارحته ، عليك أن تجعله أمام الأمر الواقع ، عليك أن تقنعه أنه سيخسر كل شئ جميل في هذه الدنيا بسبب تسلطه هذا ، حينها سيقتنع لا محال لأنه سيرى كل الناس تواجهه ، وسيرى ابنه أيضا يواجهه بتسلطه ، فسيعمل على تغير تسلطه هذا.

وسيصبح رجل جيدا ، حتى ينال إعجاب ابنه الذي سعى في تغيره لإنه يريده الأب الأفضل ، فكل منا يريد أن يرى والده الأفضل ، وكل أب يريد أن يكون متميز أمام ابنه ، عليك الاهتمام بالأمر جيدا ولا تيأس فلا يتغير كل شئ من أول مره.

عليك فقط الاهتمام بالأمر جيدا والسعي فيه ، وسترى أن والدك تغير من نفسه ، وسيصبح لك تأثير في ذلك ، الأمر بسيط جدا ولكن توكل على الله واستمر بالدعاء له والهداية ، وسترى بنفسك الفرق.