لخص رامز جلال ـ شبيه هيكتور كوبر ـ في أحد البرامج التي تدل على مدى الانحطاط الأخلاقي، والبعد عن كل ما اتفق عليه ـ أصحاء البشر من ذوي النفوس البشرية السليمة ـ الانحطاط الذي أصاب مجتمعنا الذي كان ـ لأمسه القريب ـ مثالا يحتذى في إعلاء المنظومة القيمية، لخص “رامز أو كوبر” سَمِّه ما شئت، حالنا نحن المصريين في هذه الأيام العصيبة ـ العصية على أي علاجات ناجعة ـ بجملة واحدة تعني أن كل شيء جائز ومباح ومستباح، بما فيه أخلاقنا، وكان مصرا على أن يردد هذه الجملة في كل حلقة، أقصد في كل منحدر، وكأنه يردم على كل ما تبقى لنا من أخلاق ويطمث معالمه، فكان يردد “لاموري في زوري”.
فمع أنها جملة بلا معنى، ولكنني أخذتها على محملها في أيام انحدرنا فيها بأخلاقنا إلى تحت العدم بعدم، وكأنه يوحي بأن الدنيا أصبحت على رأي صديق لي “كنافة”. ولنا أن نتصور حال “الكنافة” التي لا نعرف فيها من اعتلى، ومن تدنى، ومن وجد نفسه مهروسا بين الإثنين، بل ومن على الجانب الأيمن، ومن على الجانب الأيسر، ومن في الأطراف، ومن يدور في فلك هذا وذاك، وهي على رأي صديقي “كنافة”! وأنا بقناعتي لا أجد فرقا بين “الكنافة” و”لاموري في زوري”!.
هنا أتساءل: ما الذي حدث لمجتمعنا؟! ما الذي أوصلنا إلى هذه الحالة المتدنية؟!، لا أخلاق، ولا مروءة، ولا شهامة، ولا حياء، وأنا الذي كنت أعقب هذا الوصف في زمن وَلَّى ـ عندما كنت أرى شيئا لا يرضيني من البشر ـ بمقولة أستثني فيها الشرفاء المتمسكين بأخلاقهم فأقول “إلا من رحم ربي” وكانوا كثرا، فـ”حالات الاستثناء” كانت أكثر من “المستثنى منه” خصوصا في جانبهم الأخلاقي الإيجابي، هذا كان زمانًا وَوَلَّى، والآن ـ في هذه الأيام ـ أجد نفسي وأنا “أستثني من رحم ربي” من حالتنا المتدنية هذه ، أجد نفسي أكرر “إلا من رحم ربي، فأجد “المستثنى” أقل بكثير من “المستثنى منه” و”لا يكاد يبين”.
وما يؤكد على رؤيتي أننا عندما كنا نرى أحد الأشخاص غير سوي في أخلاقه في غابر أيامنا، كنا نقول “فلان سيئ” لأن من كان على غير أخلاق المجموع هو فرد واحد، أما الآن فنشير إلى أحد الأشخاص الذين يتمسكون بأخلاقهم فنقول “فلان كويس” وهو ما يدلل على أننا نستثني واحدا على خلق، من بين المجموع السيئ!.
وحتى لا نظل نردد كلاما في كلام، علينا أن نعترف بأن ما أوصلنا إلى هذه الحالة المذرية، هو عدم تفعيل القانون، فلا سيادة للقانون على أحد إلا “الضعفاء” ولنا أن نشمل “ضعف الناس” بمن لا جاه له ولا مال ولا سلطان، يعني من الآخر “من ليس له سند”، بل وأصبح “الصوت العالي نافذا مع البشر”، من الآخر وحتى لا أقضيها كلاما في كلام، إذا أردنا أن نعيد مجتمعنا إلى ما كان عليه، ونخرجه من حالة “الكنافة التي أدخلتنا في لعبكة لاموري في زوري” علينا بـ”سيادة القانون” وتفعيله على كل من يعيش بيننا، لأن ” مَنْ أَمِنَ عِقَابَهُ سَاءَ أَدَبُهُ”.