رئيس مجلس الادارة : إيهاب مباشر

رئيس التحرير : حنان الشايب

إيهاب مباشر يكتب .. لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (٢)

عندما فكرت أن أكتب مقالا عن شيخي الفاضل الجليل وأستاذي ومعلمي الراحل الشيخ “أحمد مرعي” رحمه الله تعالى رحمة واسعة – وهو ما أعتبره حقا من حقوقه فهو صاحب فضل علي عظيم – وجدت أن الراحل يطيب المقام به أن أكتب أكثر من مقال فيه، ولذا عنونت مقالي بعنوان “لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”، فهو بحق أحد أولياء الله الصالحين الذين قال الله عنهم في محكم آياته (( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)).
علاقتي بالشيخ الراحل تعود إلى عام ١٩٧٨، عندما التحقت بدرسه المقام في بيته، عندما كنت في السادس الابتدائي، وقت أن كان يطلق عليها شهادة (القبول)، التي تتم بها دراسة المرحلة الابتدائية، وتؤهلنا للالتحاق بالمرحلة الإعدادية، حيث كنا حديثي العهد بتعلم قواعد اللغة العربية، التي كان يتقنها شيخي الراحل، ويعلمنا إياها في شكل أغان، وكل أغنية تتضمن قاعدة نحوية، وهي أشبه بفكرة (مسرحة المناهج)، لكنه كان مسرحا غنائيا، ومنها على سبيل المثال أغنية خاصة بأدوات النسخ أو ما يعرف ب (إن وأخواتها)، نقول فيها “إن أن ليت لعل .. تنصب المبتدأ يا فله).
كان شيخي الراحل – طيب الله ثراه ورحمه رحمة واسعة – يطبق قواعد النحو في حديثنا معه، بطريقة لا ننسى معها هذه القواعد، فكان يتعامل معنا باللغة العربية الفصحى، وكان عقابه لنا، عقاب المعلم الحاذق والأب الرحيم، الذي كان الدين بالنسبة له منهج حياة، حتى في عقابه الخفيف جدا، حيث كان ظاهره غضبا شديدا، حرصا منه على مصلحتنا، لكن باطنه رحمة أب بأبنائه، فكانت ضرباته على اليد بعصا خفيفة لينة جدا في لين المسواك، وكان يردد خلالها ونردد معه (الباقيات الصالحات) غرس الجنة (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)، ومن وقتها وأنا أحفظها عن ظهر قلب.
وكان من إخلاصه – رحمه الله – أنه كانت حصة الدرس تتعدى الأربع ساعات، كلها جد ونشاط واستذكار للدروس، وتطبيقا عمليا عليها، بالإضافة إلى أنه – رحمه الله – كان حريصا على الوقت، لدرجة أنه كان عندما يقطع التيار الكهربائي – وكان هذا الانقطاع كثيرا في ذلك الوقت – لا يصرفنا إلى بيوتنا، لكنه كان يدير حصة الدرس من خلال أسئلة (شفهية) في المنهج، وكان ينادي علينا طالبا طالبا؛ لنجيب على أسئلته (الشفهية).
أي إخلاص هذا، وأي حب ومودة تجعل المعلم يفيد الطالب، حتى في أصعب الظروف والإمكانيات، وهو ما يذكرني بالسلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان الراحل عندما قال في بداية نهضة عمان الحديثة “سنتعلم حتى ولو تحت ظل شجرة” وهو ما كان يطبقه بالفعل في بعض مناطق وولايات سلطنة عمان، منذ سبعينيات القرن الماضي، إلى أن عم الازدهار وعمت سلطنة عمان مظاهر النهضة الحديثة.
رحم الله تعالى السلطان قابوس رحمة واسعة، ورحم أستاذي وشيخي الراحل أحمد مرعي، وجعل ما قدماه في ميزان حسناتهما، إنه تعالى سميع مجيب الدعاء.
وللحديث بقية ..

2022/04/19 8:35ص تعليق 0 315

ذات صلة

إيهاب مباشر يكتب «إذن هي القوة الغاشمة»

بالأمس ودعنا شهداءنا، واليوم نودعهم، وغدا سنودع المزيد منهم، طالما بقي أهل الشر بين ظهرانينا، يعيشون بيننا، يأكلون خير أرض جادت به علينا جميعا، ويشربون ماء يحمل الطهر والرواء للجميع، فلم تبخل الأرض بخيرها عنهم، ولم توقف السماء ماء...

إيهاب مباشر يكتب “الشفافية، ثم الشفافية، ثم الشفافية”

  دعوني أعلن في البداية ثقتي المطلقة في وطنية وطهارة ونظافة يد الرئيس السيسي، كما أعلن ثقتي في وطنية المؤسسة العسكرية المصرية، وما سأذكره فيما سأخطه لاحقا، ليس نقدا بغرض النقد، ولكن تحليلا بسيطا لما يحدث هذه الأيام التي أراها...

إيهاب مباشر يكتب “درء الأتراح مقدم على جلب...

    تتزاحم لدي المقدمات، فتصيبني حيرة كبيرة وشتات تصعب معهما العودة إلى بداية ترضيني، ولا سبيل أمامي إلا الاستسلام لأقربها إلى الولوج إلى مبتغاي، حيث كلها يفضي إلى المبتغى. ولتسمحوا لي أن أقدم مواساتي لكل إنسان فقد أمه، طفلا كان أو...

إيهاب مباشر يكتب «الرهان لا يزال قائما»

    رغم مرور ما يقارب الخمسين عاما، إلا أن الرهان لا يزال قائما بين إبهامي والسُبابة والوسطى وأول قلم رصاص لمسته بصماتهم. القضية رغم أنها عاشت معي حوالي نصف قرن من الزمان، إلا أن ما استدعاها بملامحها وتفاصيلها الآن، مشاهدتي لفيلم...

إيهاب مباشر يكتب «باذنجان أوكراني»

استوقفني تعليق أحد أصدقائي على الفيس بوك بقوله «شهر شعبان ترفع فيه الأعمال وليست الأسعار» وفي «بوست» آخر لصديق على الفيس بوك أيضا، يناشد أئمة وخطباء المساجد - عندما يصعدون إلى المنابر لمخاطبة الناس في جُمَعِهِم القادمة، ألا يحدثونهم...

إيهاب مباشر يكتب .. «مساحة القبح كانت الأكبر...

        انقضى الشهر الفضيل، وجاء بعده العيد السعيد، وها هو قد انقضى مثلما ينقضي كل شيء، فكل عام وأنتم من عواده. انقضى شهر رمضان الفضيل، بأخلاقه التي شُوِّهَتْ جراء ما قدم على شاشات الفضائيات من مشاهد عري وخلاعة تحت مسمى (الدراما)،...

جميع الحقوق محفوظة © 2024 القاهرة اليوم نيوز