رئيس مجلس الادارة : إيهاب مباشر

رئيس التحرير : حنان الشايب

إيهاب مباشر يكتب .. شكرا سلطان الخير « 1 »

لا أعلم سببا واضحا لتوقفي عن الكتابة لشهور مضت، باستثناء سبب أراه مقنعا – لي على الأقل – وهو الحالة المزاجية السيئة الخاصة، التي لا تنفصل عن عموم ما يتلبس أفكارنا ويجثم على صدورنا ويكبل خطواتنا جميعا، من مزاج سيئ، قاوم فينا إصرارنا على المضي قدما إلى ما نتطلع إليه، وقاومنا فيه إصراره على عرقلة خطواتنا، والدليل أنني عندما أتصفح مفكرتي على الهاتف أفاجأ بكم كبير من العناوين لأفكار مقالات تلح علي، وحتى لا أفقدها من فرط أهميتها، دونتها في المفكرة وما أكثر هذه العناوين.
وبناء على مقولة لحكماء – كان لنا حظ جميل حين عاصرناهم – هذه المقولة أو الحكمة تقول «كل ما له بداية ونهاية فهو قصير»، فإنه مهما طال التوقف، وبمجرد أن تبدأ، سيتلاشى عامل الزمن ويتبخر هذا الإحساس المُعَجِّز، وَتَجُبُّه رغبة ملحة في إكمال المسيرة والمسير.
وبناء على أن لكل شيء مسبباته، فقد صاحب الرغبة في العودة إلى الكتابة تصفح بعض المواقع التي كنت أرتادها، قلبت قليلا، ولم أذهب بعيدا، وأخذني المؤشر وأصابعي إلى الشارقة.
يا الله .. يا الله .. يا الله، ما أجمل هذه الإمارة، وما أحنها، وأخفها، وألطفها، وأسكنها، وأرقها، وأرقاها، وأهداها، وأغناها، وأثراها، وأسماها، وأزهرها، وما .. وما .. وما .. إلى ما لا نهاية.
أنا الآن أسمعك يا من تعلق: أيعقل أن يصف أحد مكانا لم ينشأ فيه بعيدا عن بلده بكل هذه الأوصاف التي أعتقد أنه مبالغ فيها، لمجرد زيارة أو إثنتين أو ربما عشر زيارات؟
وبدلا من أن أجيبك أنا سأحيلك إلى فنان تونسي معروف لجيلنا ولأجيال سابقة وتالية وهو لطفي بو شناق حينما غنى «لامونى إللي غاروا مني .. وقالولى إش عجبك فيها .. جاوبت إللي جهلوا فني .. خذوا عيني شوفوا بيها».
لا يزال قارئي يعلق فأسمعه: وبعد أن سمعت تعليقنا فهل من مبرر لما تقول؟
نعم، ولكن عزيزي القارئ هل لديك متسع من الوقت لتسمع حكايتي معها؟
أسمعك تعلق: هي حكاية عشق إذن؟
نعم، وإن لم يخنك التعبير، أو تتندر، هي كما تقول: حكاية عشق، بل والله أكثر، وزد على ذلك.
دعني أسرد لك حكايتي معها ..
حوالي عام ٢٠٠٤ أو ٢٠٠٥ لا أعلم أيهما بالتحديد، أثناء تواجدي في سلطنة عمان، وعملي بجريدة الوطن العمانية، اضطررت إلى النزول في إجازة لمصر، فلم أجد في هذا اليوم حجزا مباشرا للقاهرة، ووجدت حجزا على طيران العربية يتوقف ترانزيت في الشارقة، وتفاجأت بأن ساعات الترانزيت من الساعة ١٢ ظهرا إلى صباح اليوم التالي، نزلت مطار الشارقة، وخرجت إلى الإمارة أبحث عن مكان للإقامة فيه هذه الليلة، خرجت من المطار وأخدت تاكسي أجرة فوصلني لإحدى الشقق الفندقية، ارتحت قليلا، ثم اتصلت بأحد الأصدقاء، وتقابلنا على أمل أن نتجول في الشارقة لساعة أو ساعتين، لكن حدث ما لم أتوقعه، ظللت أنا وصديقي نقطع شوارع وأسواق ومحلات ومولات الشارقة ومقاهيها إلى حوالي الثالثة صباحا، دون ملل أو تعب، لدرجة أنني عدت إلى السكن وظللت مستيقظا دون نوم أتجاذب أطراف الحديث مع موظف الاستقبال وأظنه كان من المنصورة، وعندما حانت السادسة صباحا، أخذت حقيبتي وغادرت إلى المطار.
الغربب في الأمر أن أي شخص عائد لبلده من السفر، لا يحب أن يقضي وقتا طويلا في سفره، فتراه يريد أن يطوي ساعات السفر وكأنها دقائق، لكن أن يشعر إنسان بألفة بينه وبين مكان يراه لأول مرة بهذا الشكل، ويشعر وهو يتركه عائدا إلى بلده بحنين وشوق كبيرين قبل أن يتركه وبأنه سيتغرب عنه، فهذا شيء لا يصدقه عقل، ولابد للبحث في أسبابه.
إذن لابد من عودة ولقاء آخر لبحث هذا الموضوع والإجابة عن تساؤلاتي بشأنه، وتشاء الظروف أن تكون لي عودة مع الشارقة في مهمة عمل للجريدة من سلطنة عمان، فذهبت باحثا عن إجابة لتساؤلي: ما السر وراء هذا الارتباط الكبير وكمية المشاعر التي تربطني بالشارقة، ذهبت فوجدت إجابة لكل تساؤلاتي.
.. يتبع

2024/04/11 2:11ص تعليق 0 23

ذات صلة

إيهاب مباشر يكتب «عندما يصبح المجتمع مرآة الفن...

      فتحنا أعيننا وتفتقت أذهاننا جميعا - من خلال اطلاعنا وبحثنا ومتابعاتنا - على تعريف مختصر للدراما وهي أنها مرآة لما يحدث في المجتمع، بمعنى "الفن مرآة المجتمع"، وزيادة في التوضيح، علمنا تعريفا عاما للدراما بأنها "نوع من الأعمال الأدبية...

إيهاب مباشر يكتب .. «رفقا، ثم رفقا، ثم...

عندما أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات، قانون «حماية القيم من العيب» الشهير «بقانون العيب»، في يناير ١٩٨٠، كان يهدف إلى معاقبة كل من يحاول التغرير بالشباب، أو يحاول انتقاد سياسة الدولة، وهي نفس التهمة التي أعدم بها سقراط...

إيهاب مباشر يكتب «هيطلعوا يشتغلوا إيه؟!» 

    استمعت إلى حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء افتتاحه «مراكز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية» في طريق العين السخنة، حيث تابع سيادته شرحا تفصيليا لمخطط مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية، وشاهد مجموعة من القاعات الخاصة داخل المركز لاختبار وتوثيق البيانات...

إيهاب مباشر يكتب «إعادة تدوير»

      قديما كان يطلق على الصحافة "مهنة البحث عن المتاعب"، لأنه وبالمعنى الصريح للكلمة، كان الصحفي "يطلع عين إللي جابوه" من أجل أن يحصل على سبق يستحق النشر، عندما كانت المنافسة على أشدها، وقت أن كان رئيس القسم يتردد كثيرا،...

إيهاب مباشر يكتب “مَنْ أَمِنَ عِقَابَهُ سَاءَ أَدَبُهُ”

  لخص رامز جلال ـ شبيه هيكتور كوبر ـ في أحد البرامج التي تدل على مدى الانحطاط الأخلاقي، والبعد عن كل ما اتفق عليه ـ أصحاء البشر من ذوي النفوس البشرية السليمة ـ الانحطاط الذي أصاب مجتمعنا الذي كان ـ...

إيهاب مباشر يكتب “المعادلة الصعبة”

كما جرت العادة في التعاطي مع كل شيء جديد، انقسم قراء الجرائد الورقية اليومية، حيال التعامل المبدئي مع الصحافة الإلكترونية، بتفاصيل وأزرار وشاشات، خلقت حاجزا نفسيا بينها وبين بعض من يجلس أمامها، بعد أن كان القارئ يذهب مسرعا إلى...

جميع الحقوق محفوظة © 2024 القاهرة اليوم نيوز