رئيس مجلس الادارة : إيهاب مباشر

رئيس التحرير : حنان الشايب

بهاء الصالحي يكتب «تغيرات الرأي العام ولعنة الهلباوي»

 

 

يمثل المحامي فريد الديب حالة خاصة مع إعلانه أن الرأي العام لا يهمه، وأنه يتعامل مع قضية عبارة عن أوراق ومستندات دونما اعتبار لموضوع آخر، وهو في هذه الحالة يعيد إنتاج حالة ابراهيم الهلباوي الذي مثل الادعاء في قضية دنشواي؛ مما أدي لإعدام زهران ورفاقه، علما بأن القضية كانت واضحة تماما حتي في الصحف الأجنبية، وبعد ذلك عاداه الشعب وأسماه «جلاد دنشواي».
ولعل المشترك بين دنشواي وحادثة قتل نيرة اشرف يونيو ٢٠٢٢ هو الوضوح التام قديما بحكم ما نشر في الصحف، ووسائل الاتصال الاجتماعي في العصر الحديث، حيث شاهدنا الحدث مصورا علاوة علي الأثر السيئ الذي احدثه ذلك الأمر في الرأي العام كله.
لكن ما هو الجديد أو الفارق التاريخي الذي جعل فريد الديب لا يخشي مصير الهلباوي؟
الجديد هنا هو قدرة أدوات التواصل الاجتماعي مع سهولة استخدامها عكس ذلك التشظي في الرأي العام المصري بفعل تجذر الآراء وغياب فضيلة الحوار المؤدي لتغيير وتراجع الخبرة المجتمعية في ذلك المضمار، وذلك مرتبط بسوء إدارة الدولة الوطنية خاصة مع التركيز علي بعد حل أزمات الاقتصاد الدورية، مع تراجع ثقة المواطن في الدولة، بعدما تداخلت حدود الدولة مع الحكومة؛ فصارت سلطة، أزمة الثقة تلك أدت لزيادة نسبة الثفوب في ثوب الحياة الاجتماعية، مع زيادة منتج خطير وهو امتلاك السوشيال ميديا مما نزع من السلطة أبرز أنيابها وهو الإعلام والدعاية المرتبطان حاليا بمهارات فردية مع إمكانيات مادية بسيطة، وبالتالي صارت الحملات الدعائية نوعا من الشرعنة غير المرتبطة بمفهوم الأخلاق من عدمه، وذلك لأن الإطار القيمي الأصلي لمفهوم وسائل الاتصال الاجتماعي مستمد من فكرة الشركة القائمة علي المصلحة كما هو الفكرة المحورية للحضارة الأمريكية.
وبالتالي ظهرت فكرة المحلفين في القضاء الغربي وهو أمر يسعي بعض المحامين البارزين ىاستغلاله كقرينة، ولعل طوفان الفيديوهات الصادرة من جيران نيرة وبعض الريفيات بغرض تشويه الصورة الذهنية مقابل الانطباع الذي ساد مع بشاعة مشهد قتل نيرة الذي بث صوتا وصورة، المقياس هنا صار قدرة أي طرف علي تشويه الصورة الذهنية عن الآخر، وكأن الحق والأخلاق غائبين كمنظور حكمي قابل للتطويع أسوة بالقضية الشهيرة للاعب البيسبول الشهيرة الذي قتل زوجته وتمت تبرئته بعد حملات دعائية أثرت علي قرار المحلفين.
ولان مفهوم المجتمع صار هلاميا في ذلك الوقت، فإن المحامي البارع مثل الديب، تصبح بلاغته وحروبه الدعائية وثغرات القانون، بديلا للأخلاق.

2022/07/11 10:51ص تعليق 0 465

ذات صلة

بهاء الصالحي يكتب «محمد خليفة .. نَقْضُ الخوف...

ما هو الخوف ؟ سؤال يطرحه علينا محمد خليفة ويجيب عليه شعرا من خلال ديوانه الثاني (حقايق من جيوب الخوف) هل الخوف معتقد يلازمنا من خلال فلسفة الزواجر والنواهي التي تلاحقنا عبر مسيرة صنع الافكار الرئيسية عن العالم وهي...

بهاء الصالحي يكتب «مئوية دستور ١٩٢٣»

    تعد الأبحاث الخاصة بتاريخ الدساتير امرا ملتبسا من خلال تعدد الزوايا، فالبعض يري الأمر من خلال مسألة الهوية وأن الدستور هذا مؤشر لنمط الحياة الاجتماعية التي سادت وقت صدوره، حيث يعكس البعدين العقلي والاجتماعي للجنة الخمسين، تلك اللجنة التي...

بهاء الصالحي يكتب «صناعة البطل 1 ـ 5»

      كيف يصنع البطل النمط   كيف تتعشق أبصارنا أنماط الأبطال وهو مأزق إنساني؛ لأن البطل المحبوب بسلوكه يخلق حدود المتاح في السلوك اليومي، وبالتالي تتفرع عدة اسئلة: من يصنع دراما صناعة البطل؟ لأن البطل المطلوب صورة معينة تلغي وتدين أنماطا أخري...

بهاء الصالحي يكتب «نيِّرة أيقونة السقوط ٢-٣»

    الإعلام الاستهلاكي   جاء الاعلام المصري من خلال الدراما التي قدمت السلوك غير المباح في صورة متناهية ومتدرجة منذ بداية السبعينيات، حيث تم تقديم عدة موجات أولاها سينما المقاولات، كاستمرار لموجة الهبوط المصاحبة لتلك الافلام التي صنعت في بيروت في فترة...

بهاء الصالحي يكتب «صناعة البطل ٣-٥»

    عصر الصورة تأتي السينما كمنتج تكنولوجي متعلق بإمكانيات الصورة المتعلقة بعلم الطيف، وهو أمر مرتبط بقدرة الإنسان علي تحدي الحتمية الجغرافية، حيث كان وعي الإنسان مرهونا بحدود رؤيته المباشرة، حيث الماء والجبال والأشجار. وكان الإنسان بذلك في طور السحر، تلك...

بهاء الصالحي يكتب «نيِّرة أيقونة السقوط ١-٣»

    جاء مقتل الطالبة نيرة، تلك الفتاة التي سفك دمها ذكر انتصر لكرامته، بعد أن رفضته فتاة جميلة، وهما في مرحلة جامعية واحدة، ولكن هناك عدة ملاحظات جاءت من سياق عرض الحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تم التركيز علي...

جميع الحقوق محفوظة © 2024 القاهرة اليوم نيوز