تهل علينا ليلة القدر في الليالي الفردية من العشر الأواخر من رمضان، العبادةُ فيها أفضَلُ عند اللهِ مِن عبادة ألفِ شَهرٍ، وألفُ شَهرٍ تَعدِلُ ثلاثًا وثمانينَ سَنَةً وأربعةَ أشهُرٍ، وعلينا الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر الصيام، إلى آخر يوم فيه، في العبادة والصلاة والاستغفار وقراءة القرآن.
وقد أخفى الله هذه الليلة: حتى لا نعلم في أي يوم من العشر الأواخر من رمضان، فنجتهد كل ليله في طلبها بالعباده والدعاء والصلاه والاستغفار لله الرحمن الرحيم.
على كل مسلم أن يوقظ أهله كما كان يفعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونجتهد في الصلاه بخشوع لله، والعباده لله الرزاق الغني المغني، على أمل أن توافقنا ليلة القدر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة» أي تكون في أواخر الشهر، لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في أواخر الشهر.
قال الله تعالى فيها: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ (القدر).
وليلة القدر، فيها تنزل الملائكة إلى الأرض يسلمون على المؤمنين الصائمين، ويستغفرون لهم، والعبادة فيها خيرٌ من عبادة ألف شهرٍ، وقبول الأعمال والمغفرة، والعتق من النار.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» أخرجه الترمذي.
وليلة القدر لها علامات نعرفها بها، في العشر الأواخر من رمضان، وهي ما رواه أحمد من حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة كأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى تصبح».
أما عن العلامات بعد انقضائها، فعن أبَيِّ بنِ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنه قال: ((وأمارَتُها أن تطلُعَ الشَّمسُ في صبيحةِ يَومِها بيضاءَ لا شُعاعَ لها)).
وقد ورد في البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
هنيئا لمن صام نهارها وقام ليلها